للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الثالث: عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: (رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ وعليه عمامة قطرية (١)، فأدخل يده من تحت العمامة فمسح مقدم رأسه ولم ينقض العمامة) (٢).

ويجاب عن الاستدلال بهذا الحديث بأمرين:

أولاً: بأن هذا الحديث ضعيف (٣).

ثانياً: لو صح فإنه يحمل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح على مقدمة رأسه لوجود العمامة عليه، ومعروف أن العمامة يمسح عليها فاكتفي عن بقية الرأس بالمسح على العمامة، وإن لم يكن في هذا الحديث تصريح بالمسح على العمامة إلا أنه يحمل على الأحاديث التي رواها المغيرة بن شعبة والتي فيها التصريح بالمسح على العمامة وهي أصح من هذا الحديث.

أدلة أصحاب القول الثاني:

الدليل الأول: من الكتاب قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} (٤) الآية.

وجه الاستشهاد من هذه الآية: قالوا: إن الباء في قوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} للإلصاق وليست للتبعيض، فكأنه قال: "وامسحوا رؤوسكم" (٥) فمن مسح بعض رأسه لم يصدق عليه أنه مسح رأسه (٦)، فالباء هنا للإلصاق كما في آية التيمم وهي قوله تعالى: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ}.

الدليل الثاني: قوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (٧).

وجه الاستشهاد من هذه الآية:

قالوا: إن الإجماع منعقد على أنه لا يجوز الطواف ببعض البيت، فكذلك الرأس لا يجزئ مسح بعضه (٨).


(١) قطرية: بكسر القاف وسكون الطاء المهملة، هو ضرب من البرود فيه حمرة ولها أعلام فيها بعض الخشونة، وقيل: حلل جياد وتحمل من البحرين من قرية تسمى قطراً. انظر: عون المعبود شرح سنن أبي داود ١/ ٢٥٠ - ٢٥١.
(٢) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب المسح على العمامة، حديث رقم (١٤٧) ١/ ١٠٢ - ١٠٣؛ وأخرجه ابن ماجة في كتاب الطهارة، باب ما جاء في المسح على العمامة، حديث رقم (٥٦٤) ١/ ١٨٦ قال الحافظ ابن حجر في تقريب التهذيب ص ٦٧٤: "أبو معقل، عن أنس، في المسح على العمامة مجهول". أ. هـ. وقال الذهبي: أبو معقل عن أنس في المسح على العمامة لا يعرف، وقال ابن القطان: مجهول، انظر: حاشية التلخيص الحبير ١/ ٥٨.
(٣) انظر: التخريج السابق للحديث.
(٤) المائدة:٦.
(٥) انظر: شرح منتهى الإرادات ١/ ٤٥ - ٤٦.
(٦) انظر: الاستذكار ١/ ١٦٨.
(٧) الحج:٢٩.
(٨) الاستذكار ١/ ١٦٨.

<<  <   >  >>