للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه الثالث: أنه محمول على المسّ من وراء حائل، لأن في بعض روايات هذا الحديث عن طلق قال: خرجنا وفداً حتى قدمنا على النبي - صلى الله عليه وسلم - فبايعناه وصلينا معه، فلما قضى الصلاة، جاء رجل كأنه بدوي فقال: يا رسول الله ما ترى في جل مس ذكره في الصلاة، قال: (هل هو إلا مضغة منك)، أو (بضعة منك) (١)، والمصلي في الغالب إنما يمسّه من فوق ثيابه (٢).

وأجيب عنه:

بأن تعليل النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: إنما هو بضعة منك يرد احتمال كونه من وراء حائل (٣)، ولو كان المراد به ذلك لقال: إنك لم تباشره بالمس، وإنما مسسته من وراء حائل فلا ينتقض وضوؤك، ولكنه عدل عن هذا التعليل إلى تعليل بعلة لا يمكن أن تزول، إذ لا يمكن أن يكون ذكر الإنسان ليس بضعة منه، والحكم يدور مع علته وهذه العلة لا تزول، فلا يزول الحكم (٤).

الوجه الرابع: أن حديث النقض بالمس ناقل عن الأصل، وحديث عدم النقض مبق على الأصل، والناقل عن الأصل أولى بالترجيح فإنه معه زيادة علم، وإلا للزم القول بالنسخ مرتين (٥)، فيترجح حديث بسرة وما في معناه على حديث طلق، لأن حديثها ناقل عن الأصل، وحديثه مبق على الأصل.


(١) هذه رواية النسائي، في كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء من ذلك (١/ ١٠١) برقم ١٦٥.
(٢) انظر: المجموع (٢/ ٤٣).
(٣) انظر: شرح الزركشي (١/ ٢٤٧).
(٤) انظر: الشرح الممتع لابن عثيمين (١/ ٣٢٥).
(٥) انظر: شرح العمدة (١/ ٣٠٨)، شرح الزركشي (١/ ٢٤٧).

<<  <   >  >>