للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الثاني: أنه نوع حدث يوجب الغسل مطلقاً، كالبول وسائر الأحداث التي تنقض الطهارة (١).

ونوقش:

أنه حدث ارتفع بالغسل الأول، وما خرج امتداداً له يوجب الوضوء لا الغسل، ولأن الماء الموجب للغسل ما خرج دفقاً بلذة (٢).

أدلة أصحاب القول الثالث: (القائلين بالتفريق بخروجه قبل البول وبعده).

قالوا: لأن البول يقطع مادة الشهوة، فيخرج بلا شهوة فيشبه الودي فلا يجب عليه الغسل، وإن خرج قبل البول فهو بقية ماء خرج بالدفق والشهوة فيوجب غسلاً جديداً (٣).

ونوقش:

بأن جعل الضابط في ذلك البول فإن خرج المني قبله فإنه يجب عليه الغسل وإن خرج بعده فلا غسل عليه ويكفيه الوضوء غير دقيق إذ يأتي عليه ما لو خرج المني مرة ثانية بعد الغسل ولم يكن هناك بول فإنه سيلحقونه بما إذا خرج قبل البول فيجب عليه الغسل فكيف يغتسل مرتين والمني واحد؟! (٤).

الترجيح:

بعد عرض أقوال الفقهاء وأدلتهم في هذه المسألة يترجح عندي -والله أعلم-:

القول الأول: القائل، بأن من خرج منه المني بعد الغسل فإنه يكفيه الوضوء وذلك لقوة أدلة هذا القول، فإن هذا المني الخارج واحد؛ لذلك يوجب غسلاً واحداً وهو الغسل الأول كما لو خرج هذا المني دفقة واحدة، ولأن قياسهم أيضاً صحيح فإنه خارج لغير شهوة فلم يوجب غسلاً جديداً قياساً على خروج المني من البرد ونحوه، فإنه لا يوجب الغسل فهو حدث كبقية الأحداث فيكفي فيه الوضوء، والله أعلم.


(١) انظر: المجموع (٢/ ١٤٠).
(٢) انظر: كشاف القناع (١/ ١٤٢).
(٣) انظر: المحيط البرهاني (١/ ٨٥)، تبيين الحقائق (١/ ١٦)، البحر الرائق (١/ ٥٨).
(٤) انظر: اختيارات ابن عبدالبر (ص ١٩٨).

<<  <   >  >>