للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الرابع: قوله - صلى الله عليه وسلم - لفاطمة بنت أبي حبيش (١) -رضي الله عنها-: (إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي) (٢).

وجه الدلالة من هذه الأحاديث:

أنه لم يذكر الوضوء في الطهارة الكبرى مما يدل على أنه غير واجب ولو كان واجباً لذكره (٣).

الدليل الخامس: قوله - صلى الله عليه وسلم - لأم عطية ومن معها في تغسيل ابنته (٤): (اغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك، بماء وسدر، وابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها) (٥).

وجه الدلالة:

أنه جعل غسل مواضع الوضوء جزءاً من الغسل، لكنه يقدم كما تقدم الميامن، فإن الواجب في الأصغر جزء من الواجب في الأكبر، لأن الأكبر يتضمن غسل الأعضاء الأربعة وزيادة، فصار الأصغر جزءاً من الأكبر (٦).

الدليل السادس: أنه غسل صحيح نوى به الفرض فأجزأه، كما لو نوى استباحة الصلاة بالتيمم (٧).

الترجيح:

الراجح -والله أعلم- هو القول الثالث القائل لا يجزئ الغسل عن الوضوء إلا إذا نواهما، لقوة أدلته ووضحها وكونها صريحة في المسألة، وهو اختيار العلامة ابن باز رحمه الله (٨) ولقوة تأثير النية في العمل فكيف يغتسل ولا ينوي إلا رفع الجنابة ويقال له ارتفع حدثك الأصغر؟! والأولى أن يتوضأ قبل الغسل لكي يكون مؤدياً لعبادته بيقين، واحتياطاً لنفسه، وإبراء لذمته، وخروجاً من الخلاف، -والله أعلم-.


(١) هي فاطمة بنت أبي حبيش بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشية الأسدية، صحابية ثبت ذكرها في الصحيحين في استحاضتها وفتوى الرسول - صلى الله عليه وسلم - لها. انظر ترجمتها في: أسماء الصحابة الرواة: ٢٨٩ برقم ٤٢٧، الإصابة (٤/ ٣٩٩) برقم ٨٣٥.
(٢) رواه البخاري: في كتاب الحيض، باب إقبال الحيض وإدباره –الصحيح مع الفتح- (١/ ٤٢٠) برقم ٣٢٠.
(٣) انظر: المقنع لابن البناء (١/ ٢٤٣)، شرح العمدة (١/ ٣٧٧).
(٤) قال الحافظ في الفتح (٣/ ١٢٨): لم تقع في شيء من روايات البخاري مسماه، والمشهور أنها زينب زوج أبي العاص بن الربيع، والدة أمامة، وهي أكبر بنات النبي - صلى الله عليه وسلم - وكانت وفاتها فيما حكاه الطبراني في الذيل في أول سنة ثمان، وقد وردت مسماة عند مسلم)، أ. هـ. ثم ذكر -رحمه الله- الاختلاف في الروايات فبعضها ذكر أنها أم كلثوم زوج عثمان -رضي الله عنه-.
(٥) رواه البخاري، في كتاب الجنائز، باب ما يستحب أن يغسل وتراً، -الصحيح مع الفتح- (٣/ ١٣٠) برقم ١٢٥٤.
(٦) انظر: مجموع الفتاوى (٢١/ ٣٩٧).
(٧) انظر: المغني (١/ ٢٩٢).
(٨) انظر: مجموع فتاوى ابن باز (١٠/ ١٧٣).

<<  <   >  >>