للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أدلة أصحاب القول الرابع: القائل (يصلي ولا يعيد).

استدل أصحاب هذا القول بوجوب الصلاة عليه في الحال بما ا ستدل به أصحاب القول السابق، واستدلوا لقولهم بعدم الإعادة بعد بمايلي:

الدليل الأول: قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} الآية (١)

وجه الدلالة:

أنه فعل العبادة كما أمر بحسب وسعه فلا إعادة عليه.

الدليل الثاني: عن عائشة رضي الله عنها (أنها استعارت من أسماء قلادة فهلكت، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلا فوجدها، فأدركتهم الصلاة وليس معهم ماء، فصلوا، فشكوا ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأنزل الله آية التيمم) (٢).

وجه الدلالة:

أنهم صلوا بغير وضوء ولم يكن يشرع التيمم بعد، وشكوا ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يأمرهم بإعادة الصلاة، فإذا كان من فقد الماء قبل نزول التيمم صلى على حسب حاله، فكذلك من فقد الماء والصعيد صلى على حسب حاله ولم يؤمر بالإعادة فدل على أنها غير واجبة (٣).

الدليل الثالث: من النظر، والتعليل، حيث أن الله لم يأمر العبد أن يصلي الفرض مرتين إلا إذا لم يفعل الواجب الذي يقدر عليه في المرة الأولى، وكذلك لم يعرف قط أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر العبد أن يصلي الصلاة مرتين لكن يأمر بالإعادة من لم يفعل ما أمر به مع القدرة على ذلك (٤).

الترجيح:

الراجح والله أعلم القول الأخير القائل يصلي ولا يعيد، لقوة أدلته وسلامتها من المعارضة، ولأنه أتى بما أمر، فخرج عن عهدته؛ لأن الطهارة شرط من شرائط الصلاة فتسقط عند العجز عنها، كسائر شروطها وأركانها؛ ولأنه أدى فرضه على حسبه، فلم يلزمه الإعادة (٥).


(١) التغابن:١٦.
(٢) أخرجه البخاري، كتاب التيمم، باب إذا لم يجد ماء ولا ترابا ح/٣٣٦، (١/ ٧٤)، ومسلم، كتاب الحيض، باب التيمم، ح/٣٦٧، (١/ ٢٧٩).
(٣) انظر: المغني (١/ ١٨٤).
(٤) انظر: الفتاوى الكبرى (٢/ ٢٨)،مجموع الفتاوى (٢١/ ٦٣٣).
(٥) انظر: المغني (١/ ١٨٤).

<<  <   >  >>