للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أدلة أصحاب القول الثاني:

الدليل الأول: قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} (١).

وجه الدلالة:

أن الله سبحانه وتعالى اشترط للتيمم عدم الماء، ومن كان عنده شيء من الماء فإنه يعتبر واجداً للماء (٢).

ونوقش:

أن المراد من الآية وجود الماء الكافي للطهارة، لا مجرد الماء (٣).

الدليل الثاني: حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( ... وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) (٤).

وجه الدلالة:

دل الحديث على وجوب الإتيان ببعض ما يستطيعه من المأمور، وهذا مستطيع لأن يأتي ببعض وضوءه ففرض عليه أن يأتي به (٥).

ونوقش:

أن فاعل ذلك لا يسمى متوضئ ولا يصدق عليه أنه قد فعل ما أمره الله من الوضوء فالواجب عليه ترك غسل ذلك البعض الذي لم يجد من الماء إلا ما يكفيه ويعدل إلي التيمم فإن هذا هو المأمور في حقه (٦).

الدليل الثالث: من النظر والتعليل قالوا: يلزمه استعمال الماء أولاً لأن التيمم للعدم ولا يتحقق مع وجود الماء (٧).

ويناقش:

بأن هذا الماء بحكم العدم، لأنه ماء لا يرفع الحدث، فكان وجوده كعدمه.

الترجيح:

الراجح والله أعلم هو القول الأول القائل بأن من وجد من الماء ما لا يكفيه يتركه ويعدل إلى التيمم، لقوة ما استدلوا به و لمناقشة أدلة القول الثاني.


(١) المائدة:٦.
(٢) انظر: المهذب (١/ ١٣٢).
(٣) انظر: المنتقى (١/ ١١٥).
(٤) أخرجه البخاري، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ح/٦٨٥٨ (٦/ ٢٦٥٨)، و أخرجه مسلم في الحج باب فرض الحج مرة في العمر، ح/١٣٣٧ (٢/ ٩٧٥).
(٥) انظر: نيل الأوطار (١/ ٣٠٧).
(٦) انظر: السيل الجرار (ص ٨٦).
(٧) انظر: الشرح الكبير (١/ ٢٤٦).

<<  <   >  >>