للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أدلة القول الثاني:

الدليل الأول: عن عبد الله بن سرجس - رضي الله عنه - قال: توضأ أنت ها هنا وهي ها هنا، فأما إذا خلت به، فلا تقربنه (١).

الدليل الثاني: عن غنيم بن قيس (٢) قال: (إذا خلت المرأة بالوضوء دونك فلا توضأ بفضلها) (٣).

وجه الدلالة: أنهما دليلان على أن النهي خاص بالخلوة.

الدليل الثالث: القياس على خلوة النكاح لأنها إحدى الخلوتين، فنافاها حضور أحد سواء كان رجلا، أو امرأة، أو صبيا عاقلاً كالأخرى (٤).

الدليل الرابع: الجمع بين أحاديث الجواز (٥) وأحاديث المنع فتحمل أحاديث الجواز على مالم تخل به، وأحاديث المنع على ما خلت به (٦).

أدلة القول الثالث:

القول الثالث هو وجه عند الحنابلة، ويقضي بأن الخلوة لا تزول إلا بمشاهدة مكلف مسلم وهو اختيار القاضي كما تقدم، لكن لم أقف على دليل لأصحاب هذا القول حسب بحثي، ولعله يستدل لهذا القول بتعليلين:

الأول: لعل ماحدا بالقاضي أن يخص انتفاء الخلوة بمشاهدة المكلف المسلم، لأنه هو الذي توجه إليه المنع من هذا الماء فمشاهدة غيره لا أثر لها؛ لأن الماء في حق غير المكلف المسلم طهور مطهر، فلما اختص بالمنع منه اختص انتفاء الخلوة بحضوره.

الثاني: اشترط أن يكون المكلف مسلماً لأن الخطاب الشرعي إنما يوجه للمسلم، لا الكافر.

الترجيح:

الراجح والله أعلم هو القول الأول القائل بأن المراد بالخلوة انفرادها بالاستعمال، ذلك لأن الحديث نهى عن استعمال فضلها وأطلق ولم يقيده بخلوتها عن مشاهدة أحد.


(١) تقدم تخريجه.
(٢) غنيم بن قيس هو: غنيم بن قيس المازني أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يره وروى عن أبيه وله صحبة و عن سعد بن أبي وقاص وغيره حديثه عن الصحابة في مسلم وغيره مات ٩٠ هـ. انظر ترجمته: الإصابة برقم ٦٩٣٣ (٥/ ٣٣٨)، التهذيب برقم ٤٦٤ (٨/ ٢٢٥).
(٣) رواه ابن أبي شيبة في مصنفه، (١/ ٣٩).
(٤) انظر: المغني (١/ ١٥٨).
(٥) كحديث ميمونة رضي الله عنها أن النبي - رضي الله عنهم - اغتسل بفضلها، رواه مسلم في كتاب الحيض باب القدر المستحب من الماء في غسل الجنابة، وغسل الرجل والمرأة في إناء واحد في حالة واحدة، وغسل أحدهما بفضل الآخر، ح/٣٢٣ (١/ ٢٥٧).
(٦) انظر: كشاف القناع (١/ ٣٦).

<<  <   >  >>