للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأدلة:

أدلة أصحاب القول الأول:

الدليل الأول: عن أنس بن مالك (١) - رضي الله عنه - (أن قدح النبي - صلى الله عليه وسلم - انكسر، فاتخذ مكان الشعب (٢) سلسلة (٣) من فضة) (٤).

ويناقش:

أن الدليل خارج موطن النزاع، فهو يدل على جواز الفضة في الحاجة، ولا دلالة فيه على جوازها من غير حاجة.

الدليل الثاني: عن أم عطية قالت: (نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن لبس الذهب، وتفضيض (٥) الأقداح، فكلمه النساء في لبس الذهب، فأبى علينا، ورخص لنا في تفضيض الأقداح) (٦).

ونوقش: بأنه حديث ضعيف.

الدليل الثالث: قالوا: أن استعمال اليسير من الفضة جائز؛ لأنه إناء جاورته فضة فجاز استعماله كما لو أخذ إناءً بكفه وفيها خاتم، ولأنه ليس إناء فضة (٧).

نوقش:

بعدم التسليم بذلك، بل هو إناء فيه فضة من غير حاجة على أنهما لو استويا لكان تغليب الحظر أولى (٨).

الدليل الرابع: قالوا: أن الفضة تابعة للإناء فأشبه الثوب المعلم، وما كان سواه من حرير ولحمته قطن، والتابع له حكم المتبوع (٩).

ونوقش:

أن هذا غير مسلم، لأنه ليس لأحد أن يجعل الفضة تابعة لغيرها في الإباحة ولا لغيره أن يجعل غير الفضة تابعة للفضة في التحريم، ثم هناك فرق بين الثوب المنسوج من الحرير وغيره، وبين الإناء الذي فيه شيء من الفضة؛ ذلك أن الحرير مباح لجنس من الناس وهو النساء فجاز أن يعفى عن يسيره مع غيره، وأواني الفضة لم يأت الشرع بإباحته لأحد فلم يعف عنه مع غيره (١٠).


(١) أنس: هو أبو حمزة أنس بن مالك بن النضر الأنصاري النجاري بالنون والجيم المدني ثم البصري خدم النبي - صلى الله عليه وسلم - عشر سنين وكان أكثر الصحابة أولاداً؛ لدعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - له بكثرة المال والولد والبركة وهو من أكثر الصحابة رواية وتوفي بالبصرة ودفن بها سنة ٧٣ هـ، وهو ابن مائة وثلاث سنين. انظر: ترجمته: صفة الصفوة (١/ ٢٩٨).
(٢) الشَّعْب:-بفتح الشين وإسكان العين- هو الشق والصدع. انظر: النهاية (٢/ ٤٧٧).
(٣) السلسلة: دائرة من الحديد، مأخوذة من اتصال الشيء بالشيء، ومعنى الحديث: أنه شد الشق بخيط من فضة فصارت صورته صورة سلسلة. انظر: لسان العرب (١١/ ٣٤٥)، المجموع (١/ ٢٥٧).
(٤) أخرجه البخاري في صحيحة، كتاب فرض الخمس، باب ما ذكر من درع النبي - صلى الله عليه وسلم - وعصاه وسيفه وقدحه وخاتمه، ح/٣١٠٩ (٤/ ٨٣).
(٥) المفضفض: المزوق بالفضة أو المرصع بها، انظر لسان العرب مادة (٧/ ٢٠٨).
(٦) أخرجه الطبراني في الأوسط (٣/ ٣٣٠) ح/٣٣١١، وقال الحافظ الفتح (١٠/ ١٠١): (هذا لو ثبت لكان حجة فى الجواز، لكن فى سنده من لايعرف)، وضعفه الألباني في السلسة الضعيفة (١٣/ ٦٠٣).
(٧) انظر: المحلى بالآثار (٦/ ٩٩)، الحاوي الكبير (١/ ٧٨).
(٨) انظر: الحاوي الكبير (١/ ٧٩).
(٩) انظر: الحاوي الكبير (١/ ٧٩)، المغني (١/ ٥٧).
(١٠) انظر: الحاوي الكبير (١/ ٧٩).

<<  <   >  >>