للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اليمن أن لا يَفْسُد عليك ولا يخرج من يديك، فَأَخرج عنه محمد بن إدريس الشافعي، وَذَكَرَ أقواماً من الطالبيين. قال الشافعي: فبعثَ إلىّ حماداً البربري (١) فَأُثِقْتُ بالحديد حتى قدمنا على هارون بالرَقّة فذكَرَ مناظرته (٢) وتفريج الله سبحانه عليه وتخليصه.

وفي بعض الروايات، في حديث طويل: أنه جرى بين الشافعي ومحمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة مناظرة (٣)، في عشر مسائل، انقطع محمد في خمسٍ منها، حتى أمر الرشيد بجرّ رجل محمد بن الحسن، فأراد الشافعي أن يكافئه [٥٠] بيدٍ سبقت لمحمد إليه، فقال يا أمير المؤمنين: ما رأيت سميناً بطناً أفقه منه، وأخذ في مدحه وبيان فضله، فعرف الرشيد مراده، فخلع عليهما جميعاً، وحمل كل واحد منهما على مركوب، وأمر للشافعي بخمسين ألف درهم، فما وصل الشافعي بيته حتى تصدق بجميع ذلك، ووصل بها الناس.

ثم قال هارون: أنا أمير المؤمنين وأنت القدوة، ولا يدخل علي من الفقهاء أحدٌ قبلك. فقال محمد بن الحسن شعراً:

أخذت ناراً بيدي … أشعلتها في كبدي

قتلت نفسي بيدي.

وفضائل الشافعي كثيرة ومناقبه جمه غزيرة.

فقد قال الشيخ أبو إسحاق (٤): إن الفقيه أبا سليمان داود بن علي بن خلف


(١) في الأصل و ع: البريدي. وفي ح: اليزيدي (تصحيف) والتصويب من طبقات الشافعية ١: ٢٥٤ وابن الأثير ٥: ١٠٩ ومعجم الأنساب لزامباود ١٩ و ٢٧٦ وقد كان حماد البربري والياً على اليمن ومكة من قبل العباسيين.
(٢) في مناظريه. وكانت هذه المناظرة بين الشافعي ومحمد بن الحسن الشيباني. وقد أورد السبكي ١: ٢٥٤ هذه المناظرة وهذا الخبر بتفاصيله ضمن ترجمة الحسين ابن علي الكرابيسي.
(٣) انظر مناظرات الشافعي مع محمد بن الحسن في "آداب الشافعي ومناقبه" ص ١٥٩ وما بعدها.
(٤) طبقات الفقهاء لأبي إسحاق الشيرازي ٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>