للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفتنة الثانية (١): أن الشريف الهادي إلى الحق (٢) يحيى بن الحسين بن القاسم ابن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، لما قام في صَعْدَة ومخاليف صنعاء، دعا الناس إلى التشييع عند استقراره في صنعاء، وهذه الفتنة أهون من الأولى، وكان أهل اليمن صنفين، إما مفتون بهم، وإما خائف متمسك (٣) بنوع من الشريعة، [إما حنفي وهو الغالب، وإما مالكي] (٤)، وللدول في طي العلوم ونشرها وإظهارها تأثيرات


(١) هكذا يقول المؤلف عن دعوة الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين. ولعله يصفها بذلك قياساً على قوله «الفتنة الأولى» لأعمال علي بن الفضل. ومن الواضح أنه يعني بذلك ماقام في اليمن في رأس المائة الثالثة من الحروب والأهوال التي صاحبت هذه الأعمال.
وإلا فإن المؤلف نفسه يفرق بين صاحبي هاتين الدعوتين بما يصف به علي بن الفضل من اللعن. وبما يصف به دعوة الهادي إلى الحق، وذريته بالأوصاف الطيبة في كثير من المواضع. ولا يخفى أيضاً أن المؤلف - وهو شافعي المذهب - كان يعيش في القرن السادس في وقت أشتد فيه أوار الخصومة بين الشافعية والزيدية، مما يلقي على أقواله في هذا الناحية ظلاً من التعصب والخصومة.
(٢) ولد الإمام الهادي إلى الحق بالمدينة المنورة سنة ٢٤٥ هـ، واشتغل بالعلم منذ صغره في الحجاز والعراق، وظهر سلطانه في اليمن سنة ٢٨٠ هـ. دخل إليها بدعوة أهلها وقد عم بها مذهب القرامطة والباطنية، فجاهدهم جهاداً شديدا.
وكان له شجاعة مفرطة وعلم واسع، وألف الكثير من المصنفات، حتى بلغت نيفاً وأربعين مصنفا (وفي دار الكتب المصرية مجموعة مصورة من بعض مؤلفاته عن أصولها الخطية المحفوظة بمكتبة الجامع الكبير بصنعاء).
وهو مؤسس دولة الشرفاء العلويين في اليمن - وهي قائمة إلى وقتنا الحاضر - كما أنه واضع أساس الفقه الهدوي الذي تسير عليه الدولة اليمنية الزيدية حتى يومنا هذا. وتوفي الإمام الهادي سنة ٢٩٨ هـ.
(٣) في ح: فتمسك.
(٤) هذه العبارة في ح: «إما بمذهب أبي حنيفة وهو الغالب وإما بقول مالك وأصحابه».

<<  <  ج: ص:  >  >>