للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما فرغ رحمه الله من تأليف «البيان» سأله الفقيه محمد بن مفلح (١) الحضرمي استخراج المسائل المشكلة في «المهذب» وكان هذا الفقيه من جِلة أصحابه، فصنفه له، ثم انتُسخ منه، وأقام رحمه الله في سَيْرٍ، على التدريس بعد ذلك، إلى آخر سنة تسع (٢) وأربعين وخمسمائة. ثم تعذّر سكنَى سّيْرٍ على أهلها، لحروب جرت بينهم وفتن، فخربت بعد خروجهم منها، ثم انتقل إلى ذى السَّفال، ثم إلى ذي أشرق، فأقام بذي أشرق سبع سنين وكسراً يدَرّس ويقرى، فجرت فِتَنٌ في السنة الرابعة من هذه السبع، (بين الفقهاء) (٣)، تباغض وتحاسد وتكفير، من فقهاء ذي أشرق لفقهاء زبيد، بعد خروجهم من تهامة، وقت فتحُ ابن مهدي لها، وكان فتح ابن مهدي لزبيد، آخر ساعة من يوم الجمعة، آخر يوم من رجب، سنة أربع وخمسين وخمسمائة، ثم قويت شوكت ولده مهدي بن علي، بعد موت أبيه، فأغار على الجَنَد وبواديها، وقتل أهل الذَّنَبَتَيْن، ثم قتل أهل العَربَة، في شوال سنة سبع وخمسين وخمسمائة، فجعل الإمام يحيى بن أبي الخير رحمه الله، خوف ابن مهدي سبيلاً إلى خروجه من ذي أشرق، فخرج عنها إلى ضراس، ثم إلى ذي السُّفال. وفيها مات رحمة الله عليه مبطوناً شهيدا، في ربيع الآخر قبيل الفجر من ليلة الأحد من سنة ثماني وخمسين وخمسمائة، ما ترك صلاة في مرض موته، وكان نزْعه في مرضه ليلتين ويوماً بينهما، يسأل عن وقت كل صلاة، (بالإيماء) (٤)، لأنه أعْتُقِل لسانه، وكان كثير التهليل، يعرف منه بالإشارة، بالمسبحة.


(١) في الأصل و ع: مصلح. وما أثبتنا من ح و ب، ومن ترجمته التي ستأتي فيما بعد.
(٢) في ح: سبع.
(٣) تكملة من السبكي.
(٤) تكملة من ح و ب والسبكي.

<<  <  ج: ص:  >  >>