للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والملاحظ أن في هذه القصيدة مدحا للنبي الكريم، فهو خير البرية وهاديها، وإن كان هذا المدح قد جاء في أثناء الإشادة بالمدينة المنورة ومعاهدها، وخاصة روضة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقبره وحجرته، فالشاعر لم يقصد أن ينظم قصيدة في مدح النبي الكريم، لكن رؤيته لمعاهد المدينة المنورة أثارت عواطفه الدينية، فتحدث عنها شعرا، وكان لا بد له من أن يذكر ساكن هذه المعاهد ومشرفها عليه الصلاة والسلام.

وفي العصر الذي نستعرضه، نجد المديح النبوي منتشرا في المغرب العربي، وبأشكال مختلفة، منها القصائد العشرينيات التي يمدح بها الشاعر النبي الأمين، وتتألف كل قصيدة من عشرين بيتا، وعدد القصائد بعدد حروف الهجاء، مرتبة على ترتيبها، ومن هذه القصائد العشرينيات ديوان لأبي زيد الفزازي «١» ، روي عنه في المسجد الحرام سنة (٦٢٤ هـ) .

وقد خمّس الديوان كاملا أبو بكر محمد بن المهيب المغربي. وعند تجريد إحدى قصائد الديوان من التخميس، جاءت على النحو التالي:

بيثرب نور للنّبوّة لا يخبو ... تشارك في إدراكه الطّرف والقلب

بكلّ كتاب للنّبيّين نعته ... وقد مرّ ما قال النبيّون والكتب

بشير نذير موثر متعطّف ... له الدّيمة الهطلاء والعطن الرّحب

بواطنه نور ظواهره هدى ... فلا هديه يخفى ولا نوره يخبو

بنى قبّة الإسلام فوق دعائم ... من الخمس في أفيائها العجم والعرب «٢»


(١) أبو زيد الفزازي: عبد الرحمن بن يخلفتن، ولد بقرطبة، ثم سكن تلمسان، كان عالما بالحديث، كاتبا شاعرا مجودا، غلب عليه شعر الزهد والتصوف، توفي سنة (٦٣٧ هـ) . المقري: نفح الطيب ٤/ ٤٦٨.
(٢) أبو زيد الفزازي: ديوان الوسائل المتقبلة ص ٨.

<<  <   >  >>