للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويدخل في هذا الباب الرثاء الحار الذي رثى به شعراء الشيعة آل البيت، والذين استشهدوا منهم خاصة، على يد خصومهم السياسيين من الأمويين وغيرهم، مثل قول دعبل «١» في قصيدته المشهورة:

مدارس آيات خلت من تلاوة ... ومنزل وحي مقفر العرصات

لآل رسول الله بالخيف من منى ... وبالرّكن والتّعريف والجمرات

ديار عفاها جور كلّ منابذ ... ولم تعف للأيّام والسّنوات

هم أهل ميراث النّبيّ إذا اعتزوا ... وهم خير قادات وخير حمات

وإن فخروا يوما أتوا بمحمّد ... وجبريل والفرقان ذي السّورات «٢»

واستمر تيار التشيع في الشعر على هذا النحو، يبدأ الشعراء ويعيدون في الإشادة بال النبي، ويتوسلون بهم، ويتشفعون، يشمل مدحهم الهاشميين جميعا حينا، ويقتصرون على آل علي بن أبي طالب وذريته من فاطمة حينا آخر.

وظاهر من كل ما تقدم أن مدح الرسول الكريم لم يكن هدف الشعراء الذين مدحوا آل البيت، وأن ذكر الرسول صلّى الله عليه وسلّم اقتضاه مقام المديح، وهو من لوازمه التي يقوم عليها، ولولاه لما كان مديح آل البيت والإشادة بهم والاعتقاد بمكانتهم الدينية.

وصار التشيع من التيارات البارزة في الشعر العربي، اختص به الشعراء الذين يرون رأي الشيعة، وتأثر به الشعراء الذين لا يذهبون مذهبهم، ودخلت تعابير الإشادة بهم في كتب الأدب، ومعاجم المعاني فالثعالبي أفرد التعابير التي تقال في آل النبي بفصل


(١) دعبل بن علي بن رزين الخزاعي، شاعر هجاء متشيع، توفي سنة (٢٤٦ هـ) . ابن قتيبة: الشعر والشعراء ص ٥٣٩.
(٢) ديوان دعبل: ص ٧٨.

<<  <   >  >>