للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الموالد شعر غزلي، مسرف في غزله، «مما يأباه كل ذي طبع سليم، ولا يستحليه إلا كل ذي ذوق سقيم، وقد أدخلوا بعض تلك الأشعار في قصة المولد الشريف المنسوبة إلى بعض العلماء، وصارت تقرأ في مجالس العوام فلا تنكر، وذلك من أقبح المنكر» «١» .

وأكثر ما حفلت به الموالد النبوية هو المعجزات التي رافقت مولده صلّى الله عليه وسلّم، وإرهاصات مولده ومبعثه، والروايات المثيرة التي نقلت عن الرهبان والكهان والجن، وقد انتقلت هذه الروايات والأخبار إلى قصائد المديح النبوي، والمثير أن معظم هذه الروايات دون سند، يأتي بها كاتب المولد النبوي دون أن يهتم بصحتها، ومن يقرأ مولد ابن حجر، سيرى من الغيبيات وقصص المعجزات ما يثير الغرابة والاستهجان، وهذا ما دفع الدكتور زكي مبارك إلى القول: «ولم يعرف لشيء من ذلك سند صحيح من التاريخ، ولا نعرف متى نشأت هذه الأخبار عند المسلمين، وأغلب الظن أنها من وضع القصاص الذين أرادوا أن يصوروا مولد الرسول بالصور التي أثرت عن أنبياء الهنود» «٢» .

فمولد ابن حجر مثلا يبدأ بالحديث عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيقول: (ألبسه الله تاج النبوة، وجعله نبي الأنبياء، وآدم منجدل مندمج في الطين «٣» .

فهو يعتمد على الأحاديث الغيبية، وعلى ما يهتم به الصوفية من الجانب الروحي المحض من حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولذلك يعود إلى وصفه بقوله: «كان سر سجود آدم، ودعوة إبراهيم» «٤» .

ثم يورد معجزاته صلّى الله عليه وسلّم، ويقف بين المقطع والمقطع، لينظم أبياتا من الشعر، تتناول جانبا من جوانب حياته، فيقول مثلا:


(١) المجموعة النبهانية: ١/ ١٤.
(٢) مبارك، زكي: المدائح النبوية في الأدب العربي ص ١٨٩.
(٣) مولد ابن حجر: ص ٢.
(٤) مولد ابن حجر: ص ٣.

<<  <   >  >>