للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبثها الأشواق والحنين، ومخاطبتها مخاطبة المحبوبة، فالصرصري يسميها ربّة الستور، ويرمز لها باسم حبيبته، فيقول:

تهت يا ربّة السّتور على الصّ ... بّ دلالا وعزّ منك اللّقاء

آه لو بلّغت إليك على بع ... د مغانيك جسرة وجناء «١»

ويصفها العزازي بذات الخال، فيقول مفتتحا إحدى مدائحه النبوية:

دمي بأطلال ذات الخال مطلول ... وجيش صبري مهزوم ومفلول «٢»

ويصرّح ابن الزملكاني «٣» بحبه للكعبة ربّة الأستار بقوله:

أهواك يا ربّة الأستار أهواك ... وإن تباعد عن مغناي مغناك

وأعمل العيس والأشواق ترشدني ... عسى يشاهد معناك معنّاك

يا ربّة الحرم العالي الأمين لمن ... وافاه من أين هذا الأمن لولاك

وقد حططّت رحالي في حماك عسى ... تحطّ أثقال أوزاري بلقياك «٤»

وهكذا أصبح ذكر الأماكن المقدسة تقليدا ثابتا في مقدمة المدحة النبوية، تثير لدى الشعراء والمتلقين معا مشاعر الوجد الديني، والحنين إلى مهبط الوحي، وتشيع في حنايا نفوسهم دفء الطمأنينة والقداسة فإظهار الشوق إلى الأماكن المقدسة، يكاد لا تخلو منه مقدمة مدحة نبوية، وهو الذي يظهر عواطف الشاعر، ويجلو مشاعره، ويحرّك المشاعر


(١) ديوان الصرصري: ورقة ١٢.
(٢) ابن تغري بردي: المنهل الصافي ١/ ٣٤١.
(٣) ابن الزملكاني: محمد بن علي بن عبد الواحد الأنصاري، فقيه انتهت إليه رئاسة الشافعية في عصره، تولّى عدة أعمال. له كتاب (عجالة الراكب في أشرف المناقب) ، توفي سنة (٧٢٧ هـ) . ابن شاكر: فوات الوفيات ٤/ ٧.
(٤) الصفدي: الوافي بالوفيات: ٤/ ٢١٧.

<<  <   >  >>