للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فنقل ابن نباتة معنى كعب من وصف الحسناء إلى وصف نفسه، فحبيبة كعب طرفها مكحول، في حين أن طرف ابن نباتة لم يكتحل بالنوم، وهنا تبدو صنعة ابن نباتة، والتي أتمها بلفظ (ميل) الذي ورّى به عن المسافة والبعد، وأداة الكحل، فلم تبق ألفاظ كعب على فصاحتها عند ابن نباتة الذي أخذ عبارات كاملة من قصيدة كعب، مثل قوله في مدح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

حتى أتى عربيّ يستضاء به ... مهنّد من سيوف الله مسلول «١»

أخذه عن قول كعب:

إن الرّسول لسيف يستضاء به ... مهنّد من سيوف الله مسلول «٢»

فنحن نرى أن تغيير ابن نباتة البسيط، قلّل من فصاحة الألفاظ واتساق المعنى على الرغم من محاولته الإضافة إليه.

وجاء ابن مليك الحموي، فعارض قصيدة ابن نباتة، أي عارض المعارضة، ولم يعارض الأصل، ويظهر ذلك في الأمثلة التي عرضناها من قصيدة ابن نباتة، فابن مليك يقول في مقدمة قصيدته:

لا تحسبوا طرفه بالنّوم مكتحلا ... ما الطّرف بعدكم بالنّوم مكحول «٣»

فابتعد أكثر عن الموضع الذي استخدمت فيه ألفاظ كعب استخداما صحيحا وأصيلا، وحتى عند ما نقل العبارة كاملة، فإنه ابتعد بها عن سياقها الأصلي، فقال:

ماضي العزائم والأبطال في قلق ... مهنّد من سيوف الله مسلول «٤»


(١) ديوان ابن نباتة: ص ٣٧٤.
(٢) ديوان كعب بن زهير: ص ١٣.
(٣) ديوان ابن مليك الحموي: ص ٢٦.
(٤) المصدر نفسه: ص ٢٧.

<<  <   >  >>