للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإضافة إلى ذلك، وإلى الدواوين الكثيرة التي اقتصرت على المدح النبوي، فإن المدح النبوي استأثر بأكبر قصائد الشعر العربي، وأطولها، إذ أضحى طول القصائد من الظواهر البارزة في المدح النبوي، يتسابق فيه الشعراء، وكل منهم يريد أن يتجاوز سابقه، ليدلل على مقدرته، ولتكون قصيدته جامعة لمعاني المدح النبوي، وفريدة في بابها.

فهمزية البوصيري تزيد على أربع مئة بيت، ونونية الصرصري وصلت إلى ثماني مئة وخمسين بيتا، وغير ذلك كثير.

ونجد أيضا مجموعات شعرية ضمّت قصائد مدحية لعدد من شعراء المدح النبوي، مثل مجموعة ابن سيد الناس، وهي (مدح الحبيب) ، أودعها ما استطاع أن يجمعه من مدح الصحابة الكرام لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم. ومثل إفراد المقري لأجزاء كبيرة من كتابه (نفح الطيب) لإيراد قصائد مختلفة من المدح النبوي، وقال عن ذلك: «هذه عدة قصائد في مدحه صلّى الله عليه وسلّم فلا بأس أن نعززها بمقطوعات..» «١» .

وهناك كثير من المجموعات الشعرية المخطوطة تحت عناوين مختلفة، ضمّت كثيرا من المدائح النبوية.

وفي وقت متأخر عمل النبهاني مجموعته التي نسبها إلى نفسه في تسميتها، اختار فيها مدائح نبوية نظمت منذ عهد رسول الله إلى أيامه.

فغزارة المدح النبوي تجلّت في كثرة الشعراء الذين شاركوا في هذا الفن، وفي الدواوين الكثيرة المخصصة للمدح النبوي، والمجموعات الشعرية المتخصصة، وفي القصائد الطويلة التي لم يعهدها الشعر العربي من قبل.

وهذا كله يدل على أن فن المدح النبوي قد رسخ وأصبح غرضا رئيسيا من أغراض


(١) المقري: نفح الطيب: ٧/ ٥٠٥.

<<  <   >  >>