للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خاص من المدائح النبوية، هو البديعيات التي جمعت بين المدح النبوي وفنون البديع، وعدت فنا جديدا من فنون الشعر العربي.

والبديعيات قصائد في مدح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، يحوي كل بيت من أبياتها نوعا من أنواع البديع التي عرفها أهل ذلك العصر، ويكون البيت شاهدا على هذا النوع البديعي.

إن احتفال أهل العصر المملوكي بالبديع كان كبيرا، يتدارسونه ويزيدون عليه، ويؤلفون ويصنفون، ويختصرون ويشرحون، وعلى عادة أهل ذلك العصر بتقييد العلوم بالشعر، ونظم العلوم في منظومات شعرية يسهل على شداة العلم وطلبته حفظه ودرسه، فقد نظم بعض علماء العصر وشعرائه بعض القصائد التي تجمع فنون البديع، لكنهم لم ينظموا قواعد العلم كما كان سائدا، بل نظموا قصائد ذات مضامين متنوعة، وجعلوا أبياتها أمثلة على فنون البديع، مثل علي بن عثمان السليماني الإربلي «١» ، الذي نظم قصيدة في الغزل، وجعل كل بيت من أبياتها شاهدا على نوع من أنواع البديع، وبدأها بقوله:

بعض هذا الدّلال والإدلال ... حالي الهجر والتّجنّب حالي جناس

حرت إذ حزت ربع قلبي وإذ لا ... لي صبر أكثرت من إذلالي

جناس خطي

رقّ يا قاسي الفؤاد والأجفا ... ن قصار أسرى ليال طوال

طباق

شارحات بدمعها مجمع البح ... رين في حبّ مجمع الأمثال

استعاره

نفت النّوم في هواك قصا ... صا حيث أدّى منها خداع الخيال

مقابلة «٢» والقصيدة تظهر ولع الشاعر بفنون البديع واستخدام مصطلحات العلوم، وحرصه على إقامة شواهده في قصيدته وإن كان ذلك على حساب المعنى والصياغة.


(١) أمين الدين الإربلي، كان من أعيان شعراء الناصر بن العزيز، وكان جنديا فتصوف، توفي سنة (٦٧٠ هـ) . فوات الوفيات ٣/ ٣٩.
(٢) ابن شاكر: فوات الوفيات ٣/ ٣٩.

<<  <   >  >>