للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه الطريقة في نظم البديع تختلف عن الطريقة التي سار عليها (يحيى بن عبد المعطي الزواوي «١» في نظمه لبديعية سمّاها (البديع في علم البديع) ، قال فيها:

وبعد فإنّي ذاكر لمن ارتضى ... بنظمي العروض المجتلى والقوافيا

أتيت بأبيات البديع شواهدا ... أضمّ إليها في نظيمي الأساميا «٢»

فهو يشير إلى أنه في منظومته البديعية يأتي بالشاهد على النوع البديعي، واسم هذا النوع، وهاتان الطريقتان في نظم البديع، طريقة الإربلي، وطريقة الزواوي، كان لهما أثر واضح في البديعيات التي ظهرت فيما بعد.

ولما انتشر المدح النبوي الانتشار العظيم الذي تحدثنا عنه، ولاقى إقبالا شديدا من الناس، مثل إقبالهم على فنون البديع، رأى أصحاب البديع أن يجمعوا بين البديع والمدائح النبوية، وأن يحملوا المدائح النبوية بديعهم، لينتشر بانتشارها، وتعرف فنونه بمطالعتها وإنشادها، فجمعوا في فن واحد أكثر الظواهر الأدبية انتشارا في عصرهم.

ومثلما كان شعراء المدح النبوي يدرجون في قصائدهم العقائد والدعوات الأخلاقية والاجتماعية، وغير ذلك ممّا يريدون نشره بين الناس، عمد بعض الشعراء إلى إدراج البديع في قصائدهم، لينشر وتعرف فنونه.

ويظهر أنهم أرادوا أن يظهروا مقدرتهم البديعية للناس، ليحصلوا على مجد أدبي من ناحية، وأرادوا مدح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أملا بالمغفرة والثواب من ناحية ثانية، فكأنهم أرادوا أن يخرجوا بخيري الدنيا والآخرة.


(١) ابن المعطي الزواوي: يحيى بن عبد المعطي بن عبد النور، فقيه أديب لغوي، ناظم ناثر، له منظومات في العروض والقراآت، وله ديوان شعر وديوان خطب، توفي بالقاهرة سنة (٦٢٨ هـ) . الحموي: ياقوت: معجم الأدباء ٢٠/ ٣٥.
(٢) السيد، فؤاد: فهرس المخطويات المصورة ١/ ٤٠٩.

<<  <   >  >>