للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن المدح النبوي هو لون من ألوان الشعر الديني، اختلط بألوان أخرى في مسيرة تطوره حتى العصر المملوكي، ولذلك عدّ بعض الدارسين مدح آل البيت والتشوق للأماكن المقدسة من المدح النبوي، وعدوا المدح النبوي جزآ من الشعر الصوفي، وخلطوا بين المولد النبوي والمدح النبوي، ولو تمعّنا في هذه الفنون لوجدناها تقترب من فن المدح النبوي وتتقاطع معه، لكنها تفترق عنه أيضا في نواح كثيرة، فالمدح النبوي الذي جرى على الطريقة التقليدية لا يلتقي بمجمل فن المدح النبوي وصورته التي عرفت في العصر المملوكي، ومدح آل البيت فيه ذكر لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولكنه ليس مدحا له، والشعر الصوفي كذلك الأمر، ويجاريهما شعر التشوق إلى الأماكن المقدسة.

والعبرة في التفريق بين هذه الفنون وبين المدح النبوي هو قصد الشاعر من إنشاء قصيدته، فإذا كان غرضه مدح آل البيت أو ذكر مواجده الصوفية أو تشوقه للمقدسات، وذكر فيها النبي الكريم، فإنه لا يعد من المدح النبوي، أما إذا كان غرضه مدح النبي صلّى الله عليه وسلّم، وذكر في قصيدته آل البيت أو تشوقه للمقدسات أو بعض المواجد الصوفية، فهو مدح نبوي.

أما الشعر الذي ورد في المولد النبوي، فهو لون من ألوان المدح النبوي، لكنه يقتصر على ذكر معنى من معانيه، أو ذكر مرحلة من مراحل حياة سيدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهي مرحلة الولادة والطفولة.

وبذلك فهذه الفنون الشعرية قريبة من فن المدح النبوي، ومتميزة عنه، ومتقاطعة معه، فهي تقترب وتبتعد، وتتداخل وتتمايز، لكنها لا يمكن أن تعد بكل صورها من فن المدح النبوي الذي عرف في العصر المملوكي على صورة معينة، يصعب معها دمج هذه الألوان به، لكن هذه الفنون أثّرت في المدح النبوي وتأثرت به، وأعطته الصورة التي نعرفها.

<<  <   >  >>