للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معنى من المعاني، وتأكيد ما يذهبون إليه من وجهات نظر متباينة إزاء قضية من القضايا، فإذا ما أراد الشاعر أن يحتج لرأيه في مسألة خلل النظام الاجتماعي الذي يكرّم الناس لنسبهم لا لذواتهم، لا يجد حجة أفضل من الإشارة إلى أن النبي الكريم شرفت به آباؤه، ولم يشرف بهم، وهذا ما ذهب إليه ابن الرومي حين قال:

فكم أب قد علا بابن ذرا شرف ... كما علا برسول الله عدنان «١»

وقال أبو تمام:

وكذلك قد ساد النّبيّ محمّد ... كلّ الأنام وكان آخر مرسل «٢»

وحين أراد أبو تمام أن يعتذر عن نفسه أو عن ممدوحه عند ما ركن إلى منافقين، يظهرون له الحب، ويضمرون الكراهية، ويعملون على إيذائه، ولم يستطع اكتشاف أمرهم، لم يجد ما يحتج به إلا ما حصل للنبي صلّى الله عليه وسلّم مع المنافقين، فقال:

هذا النّبيّ وكان صفوة ربّه ... من بين باد في الأنام وقار

قد خصّ من أهل النّفّاق عصابة ... وهم أشدّ أذى من الكفّار

حتّى استضاء بشعلة السّور التي ... رفعت له سجفا عن الأسرار «٣»

وأكثر ما تمثل به من أحوال النبي الكريم، التعزي عند فقد عزيز على النفس، عملا بقوله صلّى الله عليه وسلّم «من أصابته مصيبة، فليذكر مصيبته بي» «٤» .


(١) الثعالبي: التمثيل والمحاضرة ص ٢١.
(٢) ديوان أبي تمام: ص ١٥٢.
(٣) الراغب الأصفهاني: محاضرات الأدباء ٢/ ٢٣٠.
(٤) ابن ناصر الدين الدمشقي: سلوة الكئيب، ورقة ٥٢.

<<  <   >  >>