للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النبى صلّى الله عليه وسلّم إذا نام لم يوقظ حتى يكون هو يستيقظ، لأنّا لا ندرى ما يحدث له فى نومه، فلما استيقظ عمر ورأى ما أصاب النّاس وكان- رجلا جليدا «١» - فكبّر ورفع صوته بالتّكبير فما زال يكبّر ويرفع صوته بالتكبير حتى استيقظ بصوته النبى صلّى الله عليه وسلم فلما استيقظ شكوا إليه الّذى أصابهم قال: «لا ضير «٢» - أو لا يضير- ارتحلوا» ، فارتحل فسار غير بعيد، ثم نزل فدعا بالوضوء، فتوضأ، ونودى بالصّلاة فصلى بالنّاس، فلما انفتل من صلاته إذ هو برجل معتزل لم يصل مع القوم قال: ما منعك يا فلان أن تصلى مع القوم؟ قال: أصابتنى جنابة ولا ماء ...

قال: عليك بالصّعيد فإنه يكفيك، ثم سار النبى صلّى الله عليه وسلّم فاشتكى إليه الناس من العطش فنزل فدعا فلانا- كان يسميه أبو رجاء نسيه عوف- ودعا عليّا فقال: اذهبا فابتغيا الماء، فانطلقا فتلقيا امرأة بين مزادتين «٣» أو سطيحتين من ماء على بعير لها فقالا لها: أين الماء؟ قالت: عهدى بالماء أمس هذه الساعة ونفرنا «٤» خلوفا «٥» قالا لها: انطلقى إذا. قالت: إلى أين؟ قالا: إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. قالت: الذى يقال له: الصّابئ. قالا:

هو الذى تعنين فانطلقى. فجاا بها إلى النبى صلّى الله عليه وسلّم وحدثاه الحديث قال:

فاستنزلوها عن بعيرها، ودعا النّبىّ صلّى الله عليه وسلّم بإناء ففرغ فيه من أفواه المزادتين أو السطيحتين، وأوكأ أفواههما وأطلق العزالى ونودى فى الناس: اسقوا واستقوا، فسقى من شاء، واستقى من شاء وكان اخر ذاك أن أعطى الذى أصابته الجنابة إناء من ماء قال: اذهب فأفرغه عليك، وهى قائمة تنظر


(١) رجلا جليدا: هو من الجلادة بمعنى الصلابة.
(٢) لا ضير: أى لا ضرر.
(٣) مزادتين: المزادة قربة كبيرة وتسمى السطيحة.
(٤) النفر: هو ما دون العشرة.
(٥) خلوف: جمع خالف، وقال ابن فارس: الخالف المستقى.

<<  <   >  >>