للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن المبارك «١» : ألستم تعلمون أنّي قد أرميت «٢» على المائة! وينبغي لمن كان كذلك أن يكون في وهن الكرّة وموت الشّهوة وانقطاع ينبوع النّطفة، وأن قد يكون قد مال جبينه الى النساء وبفكره الى الغزل؛ قالوا: صدقت.

قال: وينبغي أن يكون قد عوّد نفسه تركهن، وهذا والتخلي بهنّ دهرا أن تكون العادة وتمرين الطبيعة وتوطين النفس قد حطّ من ثقل منازعة الشهوة ودواعي الباه «٣» ، وقد علمت أنّ العادة قد تستحكم ببعض عمن ترك ملابسة النساء؛ قالو: صدقت: وينبغي أن يكون لمن لم يذق طعم الخلوة بهنّ ولم يجالسهنّ متبذّلات ولم يسمع خلابتهن للقلوب واستمالتهن للأهواء، ولم يرهنّ متكشّفات ولا عاريات أن يكون اذا تقدّم له ذلك مع طول الترك ألّا يكون بقي معه من دواعيهنّ شيء؛ قالوا صدقت. قال: وينبغي لمن علم أنّه مجبوب «٤» وأن سببه إلى خلاطهن محسوم أن يكون اليأس من أمتن أسبابه إلى الزهد والسّلوة وإلى موت الخاطر؛ قالوا: صدقت. قال: وينبغي لمن دعاه الزّهد في الدنيا الى أن خصى نفسه ولم يكرهه على ذلك أب ولا عدوّ ولا سباه ساب أن يكون مقدار ذلك الزّهد يميت الذّكر وينسي العزم؛ قالوا: صدقت. قال: وينبغي لمن سخت «٥» نفسه عن الشكر وعن الولد وعن أن يكون مذكورا بالعاقب الصالح أن يكون قد نسي هذا الباب إن كان مرّة منه على ذكره، وأنتم تعلمون أنّي سملت «٦» عيني يوم خصيت نفسي وقد نسيت كيفية الصّور؛ قالوا: صدقت.

<<  <  ج: ص:  >  >>