فرجع الشابّ إلى أهله، فاشتمل «١» السيف حتى دخل على أهل أخيه فقتله، ثم جرّه وألقاه في الطريق؛ فأصبح اليهود وصاحبهم قتيل لا يدرون من قتله، فأتوا عمر بن الخطّاب فدخلوا عليه وذكروا ذلك له، فنادى عمر في النّاس: الصلاة جامعة، فاجتمع الناس فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أنشد الله رجلا علم من هذا القتيل علما إلا أخبرني به؛ فقام الشابّ فأنشده الشعر وأخبره خبره؛ فقال عمر: لا يقطع الله يدك، وهدر دمه.
كان ابن عبّاس يقول: مثل المرأة السّوء: كان قبلكم رجل صالح له امرأة سوء، فعرض له رجل فقال: إني رسول الله إليك بأنّه جعل لك ثلاث دعوات، فسل ما شئت من دنيا أو آخرة ثم نهض، فرجع الرجل إلى منزله؛ فقالت له امرأته: ما لي أراك مفكّرا محزونا؟ فأخبرها؛ فقالت: ألست امرأتك وفي صحبتك وبناتك منّي! فاجعل لي دعوة، فأبى. فأقبل عليه ولده وقلن:
أمّنا، فلم يزلن به حتّى قال: لك دعوة؛ فقالت: اللهم اجعلني أحسن الناس وجها فصارت كذلك، وجعلت توطىء فراشها وهو يعظها فلا تتّعظ، فغضب يوما فقال: اللهمّ اجعلها خنزيرة، فتحوّلت كذلك؛ فلما رأين بناته ما نزل بأمّهن بكين وضربن وجوههن ونتفن شعورهن، فرقّ لهن قلبه فقال: اللهمّ أعدها كما كانت أوّلا؛ فذهبت دعواته الثلاث فيها.
قال عبد الله بن عكرمة: دخلت على عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزوميّ أعوده، فقلت: كيف تجدك؟ فقال: أجدني والله بالموت، وما موتي بأشدّ عليّ من تمتّع أمّ هشام، أخاف أن تتزوّج- يعني امرأته- فحلفت له وآلت ألّا تتزوّج بعده، فغشي وجهه نور، ثم قال: شأن الموت أن ينزل