أبو اليقظان قال: لما احتضر عمرو بن العاص جعل يده في موضع الغل من عنقه ثم قال: اللهمّ إنك أمرتنا ففرّطنا، ونهيتنا فركبنا، اللهمّ إنه لا يسعنا إلا رحمتك؛ فلم يزل ذلك هجّيراه حتى قبض.
قيل لآزاذ مرد بن الهزبذ حين احتضر؛ ما حالك؟ فقال: ما حال من يريد سفرا بعيدا بلا زاد، وينزل حفرة من الأرض موحشة بلا مؤنس، ويقدم على ملك جبّار قد قدّم إليه العذر بلا حجّة! حدّثني عبدة الصفّار قال: حدّثني العلاء بن الفضل قال: حدّثني محمد ابن إسماعيل عن أبيه عن جدّه عن جدّ أبيه قال: سمعت أميّة بن أبي الصّلت عند وفاته وأغمي عليه طويلا ثم أفاق، ورفع رأسه إلى سقف البيت وقال:
لبيّكما لبيّكما، ها أنذا لديكما، لا عشيرتي تحميني، ولا مالي يفديني، ثم أغمي عليه طويلا ثم أفاق فقال:[خفيف]
كلّ عيش وإن تطاول دهرا ... صائر مرّة إلى أن يزولا
ليتني كنت قبل ما قد بدا لي ... في رؤوس الجبال أرعى الوعولا
ثم فاضت نفسه.
الحكم بن عثمان قال: قال المنصور عند موته: اللهمّ إن كنت تعلم أني قد ارتكبت الأمور العظام جرأة منّي عليك، فإنك تعلم أني قد أطعتك في أحبّ الأشياء إليك شهادة أن لا إله إلا أنت، منّا منك لا منّا عليك. وكان سبب إحرامه من الخضراء «١» أنه كان يوما نائما، فأتاه آت في منامه فقال:[طويل]
كأنّي بهذا القصر قد باد أهله ... وعرّي منه أهله ومنازله