«كنت جالساً عند عبد الملك بن مروان فأتاه خالد بن يزيد فجلس وقال: خرجت في حاجة لي وأخذت على الجزيرة، وإذا في بعض نواحيها جماعات من قسيسين ورهبان وشمامسة فقلت: لو ملت إلى هؤلاء، ونظرت ما جماعتهم وكان معنيًّا بالعلم قال: فأتيتهم فسألتهم، فأخبروني أن سائحاً يأتيهم في كل سنة مرة واحدة في هذا اليوم فنجتمع فيعلمنا ويذكرنا قلت: وأين هو؟ قال: في تلك الجماعة، فأتيتهم فلما نظر إلي قال: أما إنك لست منهم، من أنت؟ قلت: من المسلمين قال: من أمة محمد؟ قلت: نعم. قال: فمن علمائهم أنت أو من جهالهم؟ قلت: ما أنا من علمائهم ولا من جهالهم. قال: تقولون: إنكم في الجنة تأكلون وتشربون ولا تتغوطون ولا تبولون؟ قال: قلت: نعم. إنا نقول ذلك وهو كذلك. قال: فإن لذلك مثلاً في الدنيا فما هو؟ قلت: الولد في الرحم يسوق الله تعالى إليه رزقه فيأكل ويشرب ولا يتغوط ولا يبول فاربد وجهه وقال: ألست زعمت أنك لست من علمائهم؟ قلت: نعم. قال: تزعمون أنكم تأكلون في الجنة وتشربون، ولا ينقص ذلك من ثمارها شيء؟ قلت: نزعم ذلك وهو كذلك، قال: فإن لذلك مثلاً في الدنيا فما هو؟ قلت: الرجل يعلمه الله القرآن فيعلمه من آتاه من الناس لا ينقص ذلك من القرآن ولا من الرجل شيئاً. فاسود وجهه وقال: ألست تزعم أنك لست من علمائهم؟ قلت: بلى، قال: ثم أقبل على أصحابه فقال: إن هؤلاء فتح لهم في العمل والدعاء ما لم يفتح لأحد من الأئمة ثم التفت إلي فقال: أليس فيما ترون عليكم من الحق أن تقولوا: اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات؟ فقلت: نعم. فقال: فإنه لا يبقى مؤمن ولا مؤمنة ولا مسلم ولا مسلمة ولا ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا حملة العرش ألا أدركته منه حسنة قال: وترون من الحق عليكم أن