فيها أن النهي فيها محمول على كراهة التنزيه. . . ثمَّ قال: وأما قول القاضي عياض: لا خلاف بين أهل العلم أن من شرب ناسيًا ليس عليه أن يتقايأه؛ فأشار بذلك إلى تضعيف الحديث، فلا يلتفت إلى إشارته، وكون أهل العلم لم يوجبوا الاستقاءه لا يمنع كونها مستحبة. فإن ادعى مدع منع الاستحباب فهو مجازف لا يلتفت إليه، فمن أين له الإجماع على منع الاستحباب؟ وكيف تترك هذه السنة الصحيحة الصريحة بالتوهمات والدعاوى والترهات؟ أهـ.
وقد أجاب الحافظ ابن حجر على تضعيف القاضي عياض. فقال في "الفتح" ١٠/ ٨٣: وأما تضعيف عياض للأحاديث فلم يتشاغل النوويّ بالجواب عنه. . . وأما تضعيفه لحديث أبي هريرة بعمر بن حمزة؛ فهو مختلف في توثيقه، ومثله يخرج له مسلم في المتابعات، وقد تابعه الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة كما أشرت إليه عند أحمد وابن حبان. فالحديث بمجموع طرقه صحيح، والله أعلم. أهـ.
وقال ابن الملقن في "البدر المنير" ٨/ ٣٠: أما النهي عن الشرب قائمًا فصحيح ثابت أخرجه فسلم. أهـ.
فائدة: قال العيني في "عمدة القاري" ٢١/ ١٩٣: الذي صار إليه الأئمة الجامعون بين الحديث والفقه كالخطابي وأبي محمَّد البغوي وأبي عبد الله المازري والقاضي عياض وأبي العباس القرطبي وأبي زكريا النوويّ رحمهم الله تعالى أن المراد بالقائم هنا الماشي؛ لأنَّ الماشي يسمى قائمًا. قال تعالى:{إلا مَا دُمْتَ عَلَيهِ قَائِمًا}[آل عمران: ٧٥]. أهـ.