وهنالك عملوا إحصائية اقتصادية بحتة، من السوق الأوروبية المشتركة في إمكانيات العالم الإسلامي الاقتصادية، وجدوا أنه لو اجتمعت الدول الإسلامية، وعملت السوق الإسلامية المشتركة، فإن أرصدة العالم الإسلامية تستطيع أن تحتوي جزيرة الذهب التي هي رصيد أمريكا وجميع دول أوروبا الغنية، ودول أوروبا وأمريكا تملك عشر ما يملكه العالم الإسلامي، لكن اكتشفوا أن العالم الإسلامي بنسبة (٩٨%) منه مديون للدول الغنية، وصارت هذه الدول الإسلامية أفقر الدول وأكثر الدول تخلفاً، حتى لا يذكر الإسلام اليوم في بقعة من بقاع الأرض إلا ويذكر بجواره التخلف أو التطرف أو البعد عن المدنية والحضارة.
رغم أن العظماء والعلماء أو المفكرين منهم قالوا كلاماًَ غير ذلك.
ولما سألوا ابنة إستالين عندما هربت من الاتحاد السوفيتي إلى الغرب الرأسمالي، قالوا لها: كيف تتركين بلدك وبلد آبائك وأجدادك، وأنت بنت إستالين من أكبر دعاة الشيوعية؟ قالت: الحياة بدون دين كحياة الإنسان بعيداً عن الماء والهواء.
وقال موليير الفرنسي: كيف لا أومن بوجود الله ولولا الله لخانتني زوجتي وسرقني خادمي؟ أي: لو لم يوجد هناك رب لكان المجتمع عبارة عن غابة، وقد صار غابة بالفعل؛ لبعد الناس عن الدين فـ {لا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ}[هود:٤٣] والذين سيرحمهم الله هم الذين سيتمسكون بكتاب الله عز وجل.
فالمسلمون عندهم قوى، وثروات بشرية وغيرها، لكن الأعداء بدءوا يحاربوننا فيها، ويفرضون علينا تحديد النسل وتنظيم الأسرة من أجل أن ينتصروا علينا بأعدادهم وبعلمهم.
أقول لأبنائنا في المدارس وفي معاهد العلم: تفوقوا.
وأقول لإخواننا الصناع والحرفيين: اعملوا بجد.
وأقول للموظف: اتق الله في عملك، يبارك الله لك في القليل، فاللهم بارك لنا في القليل وارزقنا من الحلال، وكثره لنا يا أكرم الأكرمين! وأبعدنا عن الحرام يا أرحم الراحمين! وبغضنا إليه حتى وإن كان كثيرا ًإنك يا مولانا على ما تشاء قدير.
وليس الكلام السابق نظرة تشاؤم في مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن يجب على الدعاة البيان، وهم أمناء على رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما خلف النبي درهماً ولا ديناراً، وإنما ورث علماً للناس، والعلماء ورثة الأنبياء، وكما أخذ الله ميثاقاً على النبيين، أخذ ميثاقاً على العلماء أن يبينوه للناس ولا يكتموه، فاللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
نعيش هذا الدرس كله بإذن الله مع سيدنا الحبيب المصطفى، والمعيشة مع الحبيب المصطفى تشرح الصدر، وتشعر الإنسان بالأمل؛ فقد ولد نبي الله صلى الله عليه وسلم وهو يتيم الأب، وماتت أمه وهو صغير، ثم يكفله جده، ثم يموت فيكفله عمه، وعمل في رعي الأغنام وهو ابن أحد عشر عاماً، فإذا كنا نحبه حقاً فإن الواجب علينا أن نتأسى به.