قال تعالى:{تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا}[السجدة:١٦] عنده خوف من الله وطمع في رحمة الله: {يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ}[الزمر:٩] خائف من الله عز وجل، لكن عنده رجاء وأمل.
مثل سيدنا عمر رضي الله عنه، حيث قال: لو نادى مناد يوم القيامة كل الناس في الجنة إلا واحداً، لخشيت أن أكون أنا هذا الواحد، ولو نادى مناد يوم القيامة كل الناس في النار إلا واحداً؛ لرجوت من الله أن أكون أنا هذا الواحد.
فهو يعبد الله بين الخوف والرجاء، خائف من الله لكن عنده أمل في رحمة الله عز وجل.
وذاك الأعرابي لما قال للحبيب:(من سوف يحاسبنا يوم القيامة يا رسول الله؟! قال: الله قال: إذاً لا أبالي -كيف لا تبالي- قال: إن الذي سوف يحاسبنا هو الكريم، وإن من صفات الكريم أنه إذا حاسب عبداً عفا).
روى الإمام الترمذي عن أبي هريرة في ذكر الرجل الذي بقي له حسنة لو جاءت له يدخل الجنة، فقال له: عبدي إن جئتني بحسنة أدخلتك الجنة، فطاف على أهل المحشر: أعطني حسنة يا فلان! يا فلان! أمك يوم القيامة تذهب تسألها تقول لك: يا بني! كان بطني لك وعاء، وحجري لك وطاء، وصدري لك غطاء، فهل عندك من حسنة تنفعني في مثل هذا اليوم؟ يقول: يا أماه! أنا لا أنكر شيئاً من ذلك، أليس عندك أنت حسنة؟! ويقول الابن لأبيه: يا أبت! كنت باراً بك وكذا وكذا أليس من حسنة؟ يقول له: يا بني! لا أنكر شيئاً من ذلك أليس عندك أنت من حسنة؟! سيدنا عيسى يمسك بقائم العرش قائلاً: يا رب! لا أسألك عن مريم بنت عمران، وإنما نفسي نفسي، وعندما تزفر النار إحدى الزفرات الثلاث فالرسل المقربين يأخذون بقوائم العرش، وينسى الكليم أخاه هارون، وينسى الخليل ابنه إسماعيل، وينسى عيسى أمه مريم، وكل الأنبياء يومها يقولون: يا رب! سلم، يا رب! سلم، إلا حبيبنا محمداً فإنه يقول: يا رب! أمتي، يا رب! أمتي، عليه الصلاة والسلام.
فيجب على الواحد أن يجهز لهذا اليوم، ويستعد للقاء الله عز وجل، ويستعد لهذا اليوم الذي تشيب منه الولدان، قال تعالى:{يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ}[الحج:٢].
اللهم خفف عنا العذاب يا رب العباد، وأبعدنا عن عذاب النار، وأدخلنا الجنة بدون سابقة عذاب يا أكرم الأكرمين!