(بشر هذه الأمة بالثناء والذكر والرفعة والتمكين في الأرض)، وقد وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات {وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ}[القصص:٦]} أي: يحدث لهم التمكين.
صحيح أن سنوات طويلة مرت وقروناً تعاقبت ونحن غير ممكنين في الأرض وذلك لعصياننا لله عز وجل، لكن هناك قوانين عند الله لا تتعطل، ومؤدى هذه القوانين: من نصر الله نصره الله، ومن نصر دين الله نصره الله عز وجل، ومن حافظ على دين الله حافظ الله عليه، ومن اتقى الله سار في بلاد الله آمناً وعاش مطمئناً ومات منصوراً، ومن يتق الله خاف الناس منه وتهيبوه وأحبوه.
حتى عندما يجدون ابناً من أبنائنا متمسكاً بدينه، لا يشرب خمراً ولا فوضى ولا غيره يحترمونه؛ لأنه عندهم صاحب مبدأ، لا كما يفعل البعض إذا دخل روما صنع ما يصنع الرومان، وإذا دخل أثينا فعل ما يفعله النمساويون، بل أكون متمثلاً بأخلاق الإسلام أينما كنت، مسلم في القاهرة مسلم في فيينا، مسلم في نيويورك في أي مكان، فأنا مسلم أقول: لا إله إلا الله، لا تتغير عندي الأثواب أبداً، إنما كياني وحياتي كلها تحت شعار لا إله إلا الله محمد رسول الله.
أولاً: الصراع بين الحق والباطل صراع أزلي، منذ أن خلق الله الخلائق إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وقد تظن أحياناً أن الباطل ينتصر، فمثلاً تسمع من يقول لك: يا أخي! الكذاب هو الذي يعيش جيداً، والنصاب هو الذي يعيش جيداً، والمرتشي هو الذي يستطيع العيش.
وهذا غير صحيح، وهو نتاج النظر بالبصر لا البصيرة، فإن من نظر بعين البصيرة أيقن أن دولة الباطل ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة، وقد تطول هذه الساعة في عرف الزمن، فنحن لنا منذ بعثة الحبيب المصطفى إلى الآن يوم ونصف؛ لأن اليوم عند الله بألف سنة مما نعد، وقد بلغ التأريخ ألف وأربعمائة وإحدى عشرة سنة، فنحن لم نكمل اليوم والنصف من أيام الله، فلو أن الباطل علا على الحق لمدة يوم من أيام الله فإن ذلك ليس بشيء من أيام الله.
وما ينبغي أن نصنعه أن نحرص على أن نضع لبنة في صرح الحق، وهكذا الجيل التالي إلى أن يأتي جيل ليرى أن البناء قديم.