وقد مكث سيدنا الخليل عليه السلام سنوات ولم ينجب، حتى قال أهل العلم: بلغ ستاً وثمانين سنة من عمره ولم ينجب، فيا من يئست من الإنجاب، ويا من ترغب في البنين ويئست أن يأتي ولي العهد! ثق في رحمة الله عز وجل الذي يقول للشيء كن فيكون، فسوف يقول للعاقر: كوني ولوداً، وسوف يقول لمنجبة البنات: انجبي أبناءً.
وأنت لا تعرف الخير أين يكون، فالخير فيما أنت فيه، فإذا وصل الإيمان إلى ذروته فاختيارك ما اختار الله لك، لأن ربنا سبحانه {يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ}[القصص:٦٨] فالاختيار من عند الله.
وإذا اختار لك فإنه سيقنعك بما اختار لك، وإذا قنعك بما اختار لك رضي عنك، فاللهم ارض عنا جميعاً.
فلو لم ترض بزوجتك وكشف لك الحجاب لرأيت أن فيها الخير كله، ولو أن المرأة الغاضبة على زوجها كشف لها عالم الغيب لما اختارت إلا زوجها، حتى وإن كان سيئ الطبع أو بذيء اللسان أو بخيلاً؛ لأن أعمالها لا ترقى لأن تدخلها الجنة، فالله يحبها فيبتليها بزوج سليط اللسان أو بخيل أو قليل الأدب من أجل أن يكثر حسناتها كل يوم، فعندما تموت تموت وهي كيوم ولدتها أمها، وهكذا أنت حين يرزقك الله بزوجة سيئة.
ليس الغبي بسيد في قومه لكن سيد قومه يتغابى والبيوت كلها فيها عيوب، وهل هناك بيت من غير عيب غير بيت سيدنا الحبيب صلى الله عليه وسلم؟! ثم إن في النساء سيئة وأسوأ، وكذلك الرجال، وفيهم حسن، وأما الأحسن فقليل، وهو الذي يقدم خيراً لمن قدم إليه شراً، وهو النوع من الناس نادر، والنادر لا حكم له.
كرجل امرأته تؤذيه ثلاثين سنة وهو صابر، فهذا رجل من القلة الذين هم صابرون، فاللهم اجعل لنا صبراً كصبر أيوب، واجعل نساءنا كآسية امرأة فرعون.
فسيدنا إبراهيم بلغ به السن مبلغه، فهاجر إلى مصر ورجع بالسيدة هاجر، فتسرى بها، فحملت بإسماعيل.