للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم من به سلس البول]

والذي عنده سلس بول يجب عليه الوضوء عند كل صلاة، فيتوضأ لكل صلاة ويصلي ولو تقاطر منه البول أثناء صلاته ويكملها، وصلاته صحيحة إن شاء الله، وهذا من تيسير الدين.

والمسلم يشكر نعمة الله عندما يرى أشخاصاً عندهم سلس بول أو غيره من الآلام والمصائب.

ولو أعطانا الله عز وجل النعمة على قدر طلباتنا لما تقدمنا خطوة في الحياة، ولما استطعنا أن نعيش، فالله هو الحكيم بنا العليم بما يصلح حياتنا.

فالله تعالى هو الذي يعطيك القوة البدنية التي تقدر تقعد بها في الشغل ثمان أو عشر ساعات، فاطلب من الله كل يوم أن يديم عليك هذا.

والمؤمن لا يقول عن شيء إنه فاعله غداً إلا أن يشاء الله سبحانه، فلابد من ذكر المشيئة، قال تعالى: {يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} [الصافات:١٠٢]، فلابد من تقدم المشيئة عن العمل أو الفعل أو القول أو القصد.

العمل الخالي من ذكر المشيئة عمل محكوم عليه بالفشل.

وسيدنا نوح عندما وجد ابنه كافراً قال له: {يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ} [هود:٤٢]، {قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ} [هود:٤٣] أي: سأطلع فوق جبل عالي واقعد في أعلاه، {يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ} [هود:٤٣] أي: يمنعني عن الغرق، {قَالَ لا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ} [هود:٤٣].

وأهل العلم يقفون عند الجملة هذه: {سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ} [هود:٤٣] ويقولون: كل الناس اليوم يعملون عمل ابن نوح، فأحدهم لسان حاله يقول: سآوي إلى جبل عقلي، والآخر: سآوي إلى جبل عزتي سآوي إلى جبل جاهي ومنصبي، ولكن المهم أن تهوي بنفسك إلى رحمة الله وأن تفر من نفسك إلى الله، اللهم اجعلنا من الفارين إليك يا رب العالمين، ومادام أنت فررت من نفسك إلى الله فإنك تكون قد فررت من الركن الضعيف إلى الركن القوي.

وقال تعالى حاكياً عن نبيه لوط: {قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} [هود:٨٠]، قال جبريل: يا لوط! قد أويت إلى الركن الشديد، وهو ركن رب العبيد سبحانه وتعالى.

وقال تعالى حاكياً عن ابن نوح: {قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ} [هود:٤٣]، فلما استوت السفينة على جبل الجودي تذكر نوح ابنه ولم يتذكر امرأته فقال: {رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ} [هود:٤٥].

وقوله تعالى: {وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ} [هود:٤٣] وذلك من أجل ألا يرى سيدنا نوح ابنه وهو يغرق فيحن قلبه على موت كافر.

لذلك فالمسلم لا يحن على موت كافر ولا يصلي عليه ولا يدعو له ولا يقبره في مقابر المسلمين إلى غير ذلك من الأحكام التي ذكرها العلماء.

<<  <  ج: ص:  >  >>