[موقف المسلم في زمن الفتنة]
أحمد الله رب العالمين، حمد عباده الشاكرين الذاكرين، حمداً يوافي نعم الله علينا ويكافئ مزيده، وصلاة وسلاماً على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد، اللهم صل وسلم وبارك عليه صلاة وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين.
أما بعد: فهذه -بمشيئة الله عز وجل- الحلقة العشرون في سلسلة حديثنا عن السيرة العطرة على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التسليمات من رب الأرض والسماوات، وهي -بمشيئة الله- الحلقة السابعة في الحديث عن الركن الأساسي في الإسلام، وهو عمود الإسلام والركن الأول بعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، وهو الركن الذي يسأل العبد أولاً عنه يوم القيامة، فإن وجد كاملاً قبل وسائر عمله، وإن وجد ناقصاً رد وسائر عمله، وهذا الركن هو الصلاة.
فاللهم اجعلنا من المحافظين عليها، ومن الخاشعين فيها، ومن الذين تقبلت -يا ربنا- صلاتهم وعبادتهم.
اللهم لا تدع لنا ذنباً إلا غفرته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا عسيراً إلا يسرته، ولا كرباً إلا أذهبته، ولا مجاهداً في سبيلك إلا نصرته، ولا مظلوماً إلا نصرته، ولا ظالماً إلا قصمته، ولا ضالاً إلا هديته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا مسافراً إلا غانماً سالماً رددته.
اللهم احفظ لنا أبناءنا في مصر وفي غيرها يا أرحم الرحمين، واحفظ أبناء المسلمين في كل بقاع العالم يا أكرم الأكرمين، وانصر الأقليات الإسلامية في بقاع الأرض.
اللهم ارم الكافرين في الكافرين، وأخرجنا من بينهم سالمين.
اللهم لا تُسل قطرة دم مسلمة إلا في سبيلك، اللهم لا تُسل دماء المسلمين إلا في سبيلك، اللهم لا تُسل دماء المسلمين إلا في سبيلك.
اللهم انزع الغل والحقد والحسد من قلوب المسلمين على المسلمين، اللهم اجعلنا على المسلمين أذلة وعلى الكافرين أعزة، واغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين، واجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم أن نلقاك، ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، وولِّ أمورنا خيارنا، ولا تولِّ أمورنا شرارنا، وأصلح -يا مولانا- أحوالنا.
اللهم اغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا، وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين.
اللهم تب على كل عاصٍ، واهد كل ضال، واشفِ كل مريض.
اللهم فرج كرب المكروبين، اللهم إنك تعلم أن في كل قلب واحد منا كرباً، ففرج -اللهم- كروبنا، وأذهب غمومنا، واقض اللهم ديوننا، واشرح لنا صدورنا، اللهم اشرح صدورنا، اللهم اشرح صدورنا، اللهم اشرح صدورنا، وآمنا في أوطاننا، اللهم آمنا في أوطاننا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا.
يا أرحم الرحمين! ارحمنا، اللهم ارحمنا برحمتك الواسعة، فإن لم نكن أهلاً لرحمتك فرحمتك أهل لأن تصل إلينا، واختم لنا منك بختام السعادة أجمعين.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
قبل الدخول في تكملة سنن الصلاة ومكروهاتها ومبطلاتها، أذكر حديثاً للصادق الأمين صلى الله عليه وسلم، وهو -إن شاء الله- حديث صحيح رواه الإمام أحمد ورواه ابن حبان ورواه الدارقطني ورواه ابن ماجه عن سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فسنبدأ هذا الدرس بهذا الحديث العظيم، وكل كلام سيدنا الحبيب صلى الله عليه وسلم يصلح أن يكون منهاج عمل، فالمسلم يأخذ كل حديث من أحاديث المعصوم صلى الله عليه وسلم منهاج عمل في حياته، وما تعبنا منذ أن تعبنا إلا عندما نسينا كلام الصادق الأمين محمد صلى الله عليه وسلم، وهو الذي قال: (تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك).
ولقد سأله أحد الصحابة يوماً فقال: (يا رسول الله إن جاءني رجل يريد أن يأخذ مالي ويريد أن ينتهك عرضي، فيريد أن يأخذ أرضي، أأقاتله؟ قال: قاتله، قال: فإن قتلته؟ قال: فهو في النار، قال: فإن قتلني؟ قال: فأنت شهيد).
أما في زمن الفتن فهناك حديث آخر لا يعارض هذا الحديث، يعني: الفاحشة ترتكب علناً، والناس يقتل بعضهم بعضاً، فلا يدري القاتل لم قَتل، ولا المقتول لم قُتل، فقد أمر صلى الله عليه وسلم فيه بأن تكسر السيوف والقسي وأمر بلزوم البيوت حتى تأتي المرء منيته أو يأتيه سهم غرب، ولما قيل له: (فإن دخل علي بيتي؟! قال: كن كخير ابني آدم) إذ قال لأخيه: {لَئِنْ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ} [المائدة:٢٨].
وهذا عندما تكثر الفتن وأنت لا تعرف الصواب أين هو، والغلط أين هو، تريد أن تزنها فلا توزن، فنسأل الله أن يفرج الكرب، وأن يزيل الغم، فليس لها من دون الله كاشفة.