[أسماء الشهور العربية ومعانيها]
بقي أن نختم الدرس بشيء هام، فسائل يسأل: هل هذه الشهور الاثنا عشر من يوم أن خلقها الله وهي بهذه الأسماء؟ قالوا: لا، كانت لها أسماء عند العرب، ثم سموها بالأسماء التي نسميها نحن الآن، قال الله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} [التوبة:٣٦].
والأشهر الأربعة الحرم هي: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب، فالشهور العربية بالترتيب: المحرم، وكان اسمه مؤتمر، وناجر هذا اسم صفر، وبقية الشهور، صيوان وصوان وربا وآيدة والأصم وعادل وناصل الذي هو رمضان، وواغر ورنا وبرق الذي هو ذو الحجة، فالعرب غيروا الأسماء وسموها المحرم إلى ذي الحجة، فما هي هذه الأسماء وما معناها؟ فسمي المحرم؛ لأنه كان يحرم فيه القتال، وهو أول الأشهر العربية.
نأتي إلى الشهر العربي ربيع، سمي بذلك؛ لارتباعهم فيه، يعني: يجلسون في الربع وفي البلد ولا يسافرون ولا يهاجرون؛ لأنه وقت الخصوبة في الأرض، فكانوا يجلسون ولا يسافرون.
أما رجب فقالوا: من الترجيب، رجّب الإنسان الشيء أي عظمه، فكانوا يعظمون شهر رجب، فلذلك يسمى شهر رجب: الأصب أو الأصم؛ لأنهم لم يكونوا يقاتلون فيه، ولكنهم كانوا يعملون شيئاً اسمه النسيء، والنسيء هو أن يهجموا في الشهر الحرام، فيقال لهم: ألا ترون أنه شهر محرم؟ فيقولون: لا، نحن سنؤخر المحرم إلى صفر، قال تعالى: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ} [التوبة:٣٧].
فالنسيء هو عبارة عن لف ودوران من العرب كما فعل بنو إسرائيل؛ حرم الله عليهم أن يصطادوا الحيتان يوم السبت، وهؤلاء أناس أصحاب أموال، فماذا يعمل اليهود؟ ففي يوم السبت هم ممنوعون من صيد الحوت، فكانت الحيتان تأتي يوم السبت بكثرة، فكان اليهودي يتضايق عندما يرى الحوت أمامه ولا يستطيع أن يصطاده، فماذا يعمل؟ كان يضع الشباك من يوم الجمعة بالليل، وينام في البيت، فتخرج الحيتان يوم السبت فتقع في الشباك، ولا تستطيع أن ترجع إلى البحر، فيأتون في صباح يوم الأحد ويأخذونها.
فإن قيل لهم: لماذا تفعلون هذا؟ قالوا: إننا لم نصطد يوم السبت، بل نمنا في بيوتنا!! سبحان الله، وكذلك فعل السامري عندما ضحك عليهم وقال لهم: هل السرقة حلال أو حرام؟ قالوا: السرقة حرام، قال: وماذا عملنا في ذهب المصريين، إننا سرقناه، فمادام أنكم سرقتم ذهب المصريين فلابد أن تتخلصوا من هذا المال المسروق، قالوا: فما الحل؟ قال: اجمعوا هذا المال المسروق فجمعوه فصاغه وصنع منه عجلاً، وعبدوا هذا العجل، فكفّروا عن ذنب السرقة بالسجود لغير الله والعياذ الله.
فالعربي يجب عليه أن يتعلم الأسماء، وشهر شعبان قال: من تشعب القبائل للقتال بعد أن حرموا القتال في شهر رجب.
ورمضان من الرمضاء وهو شدة الحرارة، ويبدو أنهم عندما سموا اسم رمضان كان في وقت حر.
وشوال من شالت الإبل أذنابها من أجل موسم تلقيح ذكور الإبل للإناث.
وذو القِعدة من القعود عن القتال للاستعداد لموسم الحج.
وذو الحِجة يسمى بذلك؛ لأنه موسم يذهب فيه العرب إلى أداء مناسك الحج.
هذه تعتبر مقدمة للإرهاصات لمولد النبي صلى الله عليه وسلم، وفي الحلقة القادمة سنتحدث إن شاء الله عن حمل السيدة آمنة لسيدنا الحبيب صلى الله عليه وسلم، وكيفية ولادته عليه الصلاة والسلام، ومن كان موجوداً ساعة ولادته، ومن الذي سماه محمداً، ولم سمي بهذا الاسم؟ وهل كان من العرب من سمي باسم محمد؟ ثم بعد ذلك سنتحدث عن صفاته الخلقية؛ من أجل أن نتخيله أمامنا صلى الله عليه وسلم، ثم نعيش معه صغيراً عند حليمة السعدية وغلاماً مع أمه إلى أن ماتت، ومع جده إلى أن مات، ومع عمه أبي طالب إلى أن تزوج بالسيدة خديجة، ثم إلى سن الأربعين وحضور حرب الفجار، وحضور حلف الفضول الذي تم فيه كل خير، ثم بعد ذلك نواصل المسيرة مع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.