تقدم قول النبي صلى الله عليه وسلم:(بشر هذه الأمة بالثناء)، وذكرنا أن الثناء من الله ومن الملائكة ومن الرسل.
وجاء أن أهل النار -أبعدنا الله عنها- ينظرون فيرون معهم جماعة في جهنم، ومعلوم أن النار سبع دركات.
وفي أول دركة في النار، يقول المشركون والكفار للمسلمين العصاة الذين يقضون مدة العقوبة: ما أغنى عنكم صلاتكم ولا إيمانكم ولا توحيدكم، فأنتم فقط حرمتم أنفسكم من الخمر وسائر الشهوات والملذات، فيحزن المسلمون العصاة، فيقول الله سبحانه وتعالى يقول للملائكة: أخرجوا من النار كل من قال: لا إله إلا الله، ولذلك يقول الله تعالى:{رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ}[الحجر:٢].
وقولهم ذلك هو في هذا الموقف، وذلك بين لمن قرأ القرآن وتدبر قوله تعالى:{رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا}[الحجر:٢] ولا غرابة، فهم يتمنون يوم القيامة أن يكونوا حميراً، وهذا ما أشار إليه قوله تعالى:{يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا}[النبأ:٤٠].
وذلك لأن الله حين يقتص للحيوانات والبهائم العجماء من الظالمين الذين يعذبونها يأخذ من حسناتهم، وهنا ننبه على ترك العصافير وعدم حبسها في الأقفاص، وقد يتعلل البعض بقوله: لو طارت من القفص فستموت فنقول له: لا دخل لك بها يرزقها من يرزق الدودة في باطن الصخر، كما أن الله حين خلق العصافير خلقها طليقة، ولم ينزلها في صندوق من السماء، ثم يقول الله سبحانه للحيوانات: كوني تراباً، إذ الحيوانات ليس لها جنة ولا نار، قال تعالى:{وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ}[التكوير:٥] والوحوش تحشر يوم القيامة من أجل أن يقتص الله من الخلائق، حتى إن العصفور الصغير يصبح يهز ما بين المشرق والمغرب يريد حقه.
فبعد أن يقتص يقول للحيوانات: كوني تراباً، فيقول الكافر كما أخبر الله عنه {وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا}[النبأ:٤٠] يتمنى أن يكون حيواناً من أجل أن يكون مآله في الآخرة التراب.