[موقف رسول الله من علي رضي الله عنه في غزوة خيبر]
والمسلم ليس عنده هذا، وإنما يعمل مثل سيدنا علي رضي الله عنه في غزوة خيبر، فقد كسر الدرع الذي كان يتلقى به السيوف، فالمحارب العربي كان يمسك السيف بيد والدرع أو الدرقة أو الترس باليد الثانية؛ لأجل أن يتلقى عليها ضربات السيوف، فكسر درع أو ترس علي، فبحث عن ترس فلم يجد، فلقي باب من أبواب الحصن وقع، فحمل الباب واستخدمه كدرع.
قال سيدنا أنس بن مالك: فلما انتهت المعركة وفتحنا خيبر حاول سبعة وأنا ثامنهم أن نزحزح الباب عن مكانه فلم نستطع.
ولم يكن هناك لجنة تعطيه نجمة داود أو نجمة عبد السميع.
فتبسم علي رضي الله عنه، وخاف الرسول صلى الله عليه وسلم من هذه الابتسامة، فقد تكون ابتسامة فخر أو غرور أو خيلاء، فالرسول أراد أن يقفل عليه الباب.
ولا تفكر أنك أذكى من الشيطان، صحيح أن الشيطان كيده ضعيف، كما قال تعالى: {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} [النساء:٧٦]، ولكنك في أحيان كثيرة أضعف من الشيطان؛ لأنه يعمل ضدك أربعاً وعشرين ساعة متواصلة، وأنت تعمل ضده لحظات، أنت تقول: أعوذ بالله، ولكن هو يخطط وينظم.
فسيدنا الحبيب خاف على علي من هذه الابتسامة فقال: يا علي! قال: نعم.
قال: أأنت فارس العرب؟ قال: يقولون ذلك يا رسول الله! يعني: لست أنا الذي أقول، وإنما الناس يقولون هذا.
وكل الناس هكذا هذا الوقت، فكلما تكلم أحد يقول: أنت لا تعرف من أنا؟ وأنا لا يهمني أن أعرف، ولكنك تراب ابن تراب، وأنا أبي تراب ابن تراب، و (كلكم لآدم وآدم من تراب).
ولنفرض جدلاً أنك تزوجت من امرأة ذات حسب ونسب، فمعنى هذا أن المرأة كل يوم الصباح ستقول لك: ألا تعرف أنا بنت من؟ وكل قليل تذكرك بذلك، ولو لم تتزوجها لعنست في بيت أبيها.
فسيدنا الحبيب قال: أأنت فارس العرب يا علي! وشجاعها؟ قال: يقولون ذلك يا رسول الله! قال: هناك فارس خلف هذا الجبل، أتحب أن تلقاه وتقابله؟ قال: أقابله يا رسول الله! فذهب، فقال الفارس لـ علي: أتبارزني؟ قال: أبارزك، فبارز الفارس علياً، فصرع الفارس علياً على الأرض، مع أنه يقال: أن سيدنا علياً لما كنت تعييه الحيلة في فارس كان ينزعه من قفاه من فوق الفرس فيرضه على الأرض رضة يكون فيها أجله، وهذا حق وحقيقة.
فـ علي الذي كان يأخذ الفارس من على فرسه ويرميه في الأرض يكون أجله، جاء الفارس وصرعه مرة وثانية وثالثة، فسيدنا علي قال: الموضوع فيه سر، أستحلفك بالله أن تكشف لي عن وجهك، فإذا به رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى تقف الأمور عند حدودها، ولا يترك الأمور تتسع؛ لأنه لو أشيع بين الناس أن علياً كان يستخدم ترساً عبارة عن باب يعجز ثمانية عن أن يحملوه فهذه ستكون خيلاء وغروراً.