للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التحذير من البدع واللعب بالدين]

أحمد الله رب العالمين، حمد عباده الشاكرين الذاكرين، حمداً يوافي نعم الله علينا، ويكافئ مزيده، وصلاة وسلاماً على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد، اللهم صل وسلم عليه صلاة وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين.

اللهم لا تدع لنا هماً إلا فرجته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا ضالاً إلا هديته، ولا ميتاً رحمته، ولا مظلوماً إلا نصرته، ولا ظالماً إلا قطعته، ولا طالباً إلا نجحته، ولا شيطاناً إلا طردته.

اللهم اطرد عن بيوتنا شياطين الإنس والجن، اللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم أن نلقاك، اللهم اجعل هذه الجلسات في ميزان حسناتنا يوم القيامة، اللهم ثقل بمجالس العلم موازيننا يوم القيامة، اللهم أظلنا بظل عرشك يوم لا ظل إلا ظلك، وإن أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك معافين غير فاتنين ولا مفتونين، وغير خزايا ولا ندامى ولا مبدلين.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

وبعد: هذه بمشيئة الله عز وجل هي الحلقة الثالثة والعشرون من سلسلة حديثنا عن السيرة العطرة على صاحبها أفضل الصلوات وأزكى التسليم من رب الأرض والسماوات.

روى الإمام الدارقطني وابن حبان في صحيحه أن سويداً الأسدي رضوان الله عليه قال: (كنت سابع سبعة وفدنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم) يعني: معه إخوته الستة وهو سابعهم، دخلوا على سيدنا الحبيب صلى الله عليه وسلم: (فقال: من القوم؟ قالوا: نحن المؤمنون) يعني يفتخر أنه مسلم، ولا يحرج من الناس أن يقول: والله أنا أحضر درس علم؛ لأن الذين في المكتب يقولون له: نحن عندنا فيديو، ومسرحية في الموضوع الفلاني، وهو كذلك لا يحرج، بل العكس، يجب أن يعتز بإيمانه ويحمد الله على هذه النعمة؛ لأن نعمة الإيمان لا تساويها نعمة، حتى قيل: أيما رجل أو امرأة حفظ كتاب الله، ثم ظن أن أحداً أعطي خيراً منه فقد استقل نعمة الله عليه، لكن المصيبة أن يحفظ العبد القرآن ويتاجر به، ويأخذ القرآن ويجعله وسيلة من وسائل التجارة، والمسلم من الواجب عليه دائماً أن يستغل نعم الله عز وجل في منفعة عباد الله، حتى قالوا: إن الذي يأخذ على القرآن أجراً والعياذ بالله لا ثواب له فيما قرأ.

ثم الكارثة الكبرى في البدعة التي تحدث حول قراءة القرآن، تجد في دور المناسبات العشرات جالسين يكتمون أنفاسهم من رائحة الدخان التي تنبعث من داخل الدار، بل إن المسجد فيه ملائكة تحضر مجالس الذكر، وأشك -والعياذ بالله- أن تكون دور المناسبات فيها الملائكة؛ لما يحدث فيها من المظاهر الكاذبة والسرقات والفوضى، وأتمنى من الذي يكتب لنا تقريراً أن يتقي الله في كتابته، ونحن لا نخاف إلا من الله عز وجل، لكن القضية أن دور المناسبات عبارة عن عنوان للبدع التي سوف يجد الإنسان فيها كلاب النار والعياذ بالله! كما قال صلى الله عليه وسلم: (أهل البدع هم كلاب أهل جهنم).

أهل البدع الذين يخترعون في الإسلام اختراعات ليست في الكتاب ولا في السنة، هؤلاء والعياذ بالله كلاب على أهل جهنم في جهنم، نسأل الله السلامة لنا ولكم.

يقرأ قارئ من الناس القرآن والناس يتكلمون ولا يبالون، القرآن يقرأ وكل شخص يتحدث مع الثاني وكل هذا الإنفاق من مال اليتيم أو الصغار الذين مات أبوهم، يأتي عمهم ويصرف أربعمائة أو خمسمائة جنيه أو ما كثر أو قل على قدر الحاجة، ثم إذا به يطالب اليتامى بمصاريف الجنازة، ويقول: إنني أعطيت صاحب المحل مائة، والمقرئ أخذ أربعمائة، ودار المناسبات أخذت مائتين، وصاحب القهوة أخذ أربعين، والعمال أخذوا إكرامية على الرجل الذي مات! فصار الموت صورة من صور التجارة! وللأسف الشديد أن المصريين آلوا على أنفسهم أن يدخنوا قبل أن تأتي علامات الساعة الكبرى وإن من علامات الساعة الدخان كما في سورة الدخان، وقد ذكرنا أن علامات الساعة الكبرى ست وهي: طلوع الشمس من مغربها، ثم ظهور الدابة، ثم ظهور الدخان، وهو دخان يغشى الناس كما في سورة الدخان، قال تعالى: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ} [الدخان:١٠ - ١١] فهو دخان مظلم، ما هذا الدخان يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم: (يأتي على رأس المؤمن كالزكمة) أي: كالزكام في الشتاء، وعلى رأس الكافر والفاجر والمنافق قال: (كنيران تغلي) نسأل الله السلامة، يكون به دوخة من صعوبة هذا الجو الصعب، هذا من ضمن علامات الساعة الكبرى، نسأل الله السلامة.

كذلك ظهور المسيخ الدجال، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحذر صحابته منه ويقول: (إن ظهر وأنا بينكم فأنا حجيجه دونكم)، يعني: أنا أكفيكم مشكلته لا تخافوا، (وإن ظهر من بعدي فامرؤ حجيج نفسه والله خليفتي على كل مؤمن) يعني: الله عز وجل سيحافظ على المؤمنين الباقين على الإيمان، الذين لا تزلزلهم العواصف ولا القواصف، لأن اعتمادهم على الله عز وجل.

المسيخ الدجال أكثر أتباعه اليهود والمنافقون والنساء، سبعون ألف من يهود أصبهان، والمنافق الذي يبطن الكفر ويظهر الإسلام والعياذ بالله! والنساء لضعف عقولهن، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (حتى يعود الرجل إلى بيته فيربط أمه وأخته وزوجته وابنته مخافة أن يخرجن فيتبعن المسيخ الدجال).

أما صفته: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (رجل جعد قطط)، أي: رجل طويل شعره جعد (له عين طافية كالعنبة)، أي: له عين بارزة إلى الخارج، شكلها مثل العنبة (المؤمن يقرأ على جبهته كافر)، يعني المؤمن ينظر إلى صورته فيقرأ على جبهة: كافر، قال: (يقرأ المؤمن عليه فواتح سورة الكهف)، أربع آيات من أول الكهف.

ولذلك مما ينبغي للمسلم ليلة الجمعة ويوم الجمعة أن يقرأ سورة الكهف، فعندما تقرأ فواتح سورة الكهف لن يسلط عليك بإذن الله، فهو معه قوة سحرية وإمكانيات يستطيع أن يؤثر بها في الناس! ولذلك ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن السماء لا تنزل مطراً لأنه لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق، حيث يتقاتل الناس فلا يدري القاتل لم قتل، ولا المقتول فيم قتل، يسأل القاتل: لم قتلته يا أخي؟ قال: لا أعلم، ويسأل المقتول: لم قتلت يا فلان؟ كذلك تظهر الفاحشة وترتكب علناً في الطريق والعياذ بالله يعني: مقدماتها ظاهرة.

إذاً: المسيخ الدجال لا ينزل المطر من السماء في وقته، والأرض لا تخرج النبات، إذاً: لا يوجد أمن غذائي، وهذه أكبر فتنة يتعرض المسلمون لها، فتنة صعبة، فينظر الدجال إلى السماء فيقول لها: يا سماء! أمطري، فتمطر، ويا أرض أنبتي! فتنبت الأرض زرعاً، ويقول: إن معي جنة وناراً، من آمن بي أدخلته الجنة، ومن كفر بي أدخلته النار، وجنته نار، وناره جنة، فجاء الرجل الأعرابي ودخل على سيدنا الحبيب صلى الله عليه وسلم فسمعه يذكر الدجال، قال: لابد أن أكلمه، فمنعه سيدنا عمر وقال له: اسكت، إن الرسول حزين على المسلمين الذين بعثهم في سرية وغدر بهم المشركون وقتلوهم، فيقول الأعرابي: لابد أن أكلمه ولن أتركه حتى يضحك، فدخل على سيدنا الحبيب، وقال: (سمعتك تقول: إن المسيخ الدجال يأتي ولا طعام في الأرض، أفأدعي أنني قد آمنت به فأضرب في ثريده بيدي حتى تمتلئ بطني ثم أكفر به مرة أخرى؟ فضحك النبي صلى الله عليه وسلم وقال: بل يطعمك الله بما يطعم به عباده المؤمنين) أي: لا تخف إن الله سيغنيك من فضله، قال: إن الله يطعم المؤمنين يومئذ بالتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير، يلهمونه كما يلهمون النفس، يقول: سبحان الله ويشبع، الحمد الله ويشبع، فيستغني عن المسيخ؛ لأنه مع الله رب العالمين.

فيظل المسيخ يعيث فساداً في الأرض، فينتشر في بقاع الأرض، إلا أماكن ثلاثة فهو ممنوع من دخولها، وهي مكة والمدينة، وبيت المقدس، ويقف على حدود المدينة، فيخرج إليه المنافقون منها؛ لأنه يوجد منافقون في المدينة، وهناك منافقون في مكة، فهؤلاء يخرجون إليه ويسمعون له، فتنفي المدينة خبثها كما ينفي الكير خبث الحديد.

وبعضهم يقول لك: أرض السعودية المقدسة، والأرض المقدسة إنما هي مكة والمدينة وبيت المقدس، ولها حدود وضحتها الكتب، وأنت داخل على مكة تعرف أن هذا بداية أرض الحرم التي لا يجب أن نقتل صيدها، ولا أن نقطع حشيشها، أي: النبات الذي فيها، ولا أن نغلو فيها، والسيئة فيها مضاعفة، والحسنة فيها مضاعفة.

يمكث المسيخ الدجال في الأرض أربعين يوماً، والناس يكونون في شدة الكرب حتى ينزل المسيح ابن مريم عليه السلام عند المنارة الشرقية شرقي دمشق، ثم بعد ذلك يعرفه الناس، فيدخل على المسلمين في المسجد، فتقام الصلاة ويقدمه إمام المسلمين للصلاة فيقول: كلا، إنما جئت تابعاً لمحمد، فيصلي سيدنا عيسى مأموماً خلف إمام المسلمين.

ثم يتتبع المسيخ الدجال حتى قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام مسلم: (يلقاه على باب لد) واللد: هذه مدينة في فلسطين، فعندما يراه المسيخ الدجال يذوب كما يذوب الملح في الماء، فيقتله هناك.

ثم يظهر يأجوج ومأجوج، وهم من كل حدب ينسلون، وينهد السد الذي عمله ذو القرنين، ينساحون بعد ذلك في الأرض، ويشربون بحيرة طبرية، -وهي في فلسطين، ماؤها عذب- وينشرون الفساد في الأرض، فعندئذ يدعو المسلمون وراء سيدنا عيسى، فالله عز وجل يقول لعيسى: يا عيسى! حرز بعبادي جانب الطور، وكل عباد الله يذهبون ناحية جبل الطور في صحراء سيناء، عندئذ يدعو عيسى ومن معه على هؤلاء القوم الذين هم يأجوج ومأجوج، فيرسل الله عليهم النغف في رقابهم، فيصبحون كلهم أمواتاً، فعندئذ يملأ نتنهم الأرض؛ لأنهم آلاف مؤلفة وأعداد كبيرة لا يعلم عددها إلا الله، تأتي طيور لها أعناق كأعناق ا

<<  <  ج: ص:  >  >>