للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثاني النّبوات

[المسألة الأولى:]

قوله تعالى: ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها [البقرة: ٢/ ١٠٦].

قرأ ابن كثير وأبو عمرو: (أو ننسأها) (١).

وقرأ الباقون: أَوْ نُنْسِها.

وتأوّل ابن كثير، وأبو عمرو الآية على أنها من التأخير، بحسب قراءتهما، ونقل أبو زرعة عنهما تأويلهما الآية بعبارة: ما ننسخ من آية، فنبدل حكمها، أو نؤخر تبديل

حكمها؛ فلا نبطله؛ نأت بخير منها. ويكون المعنى ما نرفع من آية، أو نؤخّرها فلا نرفعها (٢). ومنه قولهم: نسأت الإبل عن الحوض إذا أخّرتها، ومنه قولهم: أنسأ الله أجلك (٣). ومنه الحديث:

«من أحبّ أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه» (٤).

وأما المعنى على قراءة الجمهور؛ فإنه من النّسيان، وهو أن الله عزّ وجلّ إذا شاء أنسى النّبي صلّى الله عليه وسلّم شيئا من القرآن، وهو ما يدلّ عليه صريح قول الله عزّ وجلّ: سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى * إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ [الأعلى: ٨٧/ ٦ - ٧].

واختار هذا الرأي أيضا أبو عبيد، القاسم بن سلام، ولكنه أطلق، ولم يخص به النّبي صلّى الله عليه وسلّم


(١) سراج القاري لابن القاصح ١٥٥. وعبارة الشاطبي:
وننسخ به ضم مكسر كفى ونن ... سها مثله من غير همز ذكت إلى
ولم يورد ابن الجزري في الدّرة وجها للثلاثة فدلّ على أنهم قرءوا قراءة الجمهور.
(٢) حجة القراءات لأبي زرعة ١٠٩.
(٣) انظر لسان العرب لابن منظور مادة (نسى).
(٤) الحديث صحيح أخرجه البخاري في كتاب الأدب، ومسلم في كتاب البر برقم (٢٥٥٥)، باب صلة الرحم وتحريم قطيعتها.

<<  <   >  >>