للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي العداء قال الله عزّ وجلّ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ [الممتحنة: ٦٠/ ١]. يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ [المائدة: ٥/ ٥١].

وثمة فريق ليسوا أولياء ولا أعداء، فليس أهل الكتاب سواء في عقائدهم وسلوكهم وحربهم على الإسلام، وفي التنزيل العزيز: لَيْسُوا سَواءً، مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللَّهِ آناءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ* يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَأُولئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ [آل عمران: ٣/ ١٠٩ - ١١٠].

فالفريق الأول أهل الولاء تتأسّس علاقتنا بهم على أساس الولاء والنّصرة. والفريق الثاني أهل العداء تتأسّس علاقتنا بهم على أساس العداء. وأما الفريق الثالث فتتأسّس علاقتنا بهم على أساس البرّ والقسط، كما قال الله سبحانه: لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [الممتحنة: ٦٠/ ٦].

[المسألة العاشرة:]

قوله تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا [الأنفال: ٨/ ٧٢].

قرأ حمزة: (مالكم من ولايتهم من شيء). وقرأ الباقون: ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ (١).

وتتجه قراءة حمزة بكسر الواو إلى معنى الميراث؛ أي: ليس لكم من ميراثهم شيء حتى يهاجروا، وقد صرّح بذلك الفرّاء (٢). وأنكر الكسائي ما ذهب إليه من تأويل قراءة الفتح بالنّصرة، وكان يقول: ولا أراه علم التفسير.

ذلك أن سائر المفسّرين تأوّلوا الآية على أنها الميراث، وهو إنما يقال له ولاية وليس ولاية، أخرج عبد الرّزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله تعالى:


(١) شرح ابن القاصح على الشاطبية ٢٣٦ المسمى سراج القاري، وعبارة الشاطبية:
ولا يتهم بالكسر فز وبكهفه ... شفا ومعا إني بياءين أقبلا
(٢) لسان العرب لابن منظور ١٥/ ٤٠٧، مادة (ولي)، وانظر حجة القراء لأبي زرعة بن زنجلة ٣١٤.

<<  <   >  >>