للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسيأتي الحديث عن تحرير طبيعة الجهاد في الإسلام، وعلة المقاتلة عند حديثنا عن قول الله عزّ وجلّ: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا [الحج: ٢٢/ ٣٩].

[المسألة الثانية:]

قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً [البقرة: ٢/ ٢٠٨].

قرأ نافع، وابن كثير، والكسائي، وأبو جعفر: (في السّلم) بالفتح. وقرأ الباقون: فِي السِّلْمِ بالكسر (١).

واختار أبو زرعة في تأويل السّلم بالفتح ما روي عن قتادة من التابعين وهو أن السّلم:

الموادعة والمسالمة والمصالحة.

ثم أجرى تأويل قراءة الباقين بالكسر على أنها الإسلام (٢).

واختيار أبي زرعة هذا في تأويل السّلم والسّلم ليس محل اتفاق بين النحويين، بل اختار ابن منظور في اللسان عكسه فقال: ادخلوا في السّلم كافّة عنى به الإسلام وشرائعه كلها، ثم نقل عن أبي عمرو البصري: ادخلوا في السّلم كافّة، يذهب بمعناها إلى الإسلام فكان مقتضى اختياره أنها بمعنى واحد خفضا ونصبا (٣).

ثم قال بعد شواهد عدّة: والسّلم: الاستخذاء والانقياد والاستسلام، وهو عكس ما اختاره أبو زرعة.

وقال ابن جرير الطبري في جامع البيان: فأما الذين فتحوا السين فإنهم وجهوا تأويلها إلى المسالمة بمعنى ادخلوا في الصلح، والمسالمة، وترك الحرب، وإعطاء الجزية، وأما الذين قرءوا ذلك بكسر السين فإنهم مختلفون في تأويله فمنهم من يوجهه إلى الإسلام بمعنى ادخلوا في الإسلام كافة، ومنهم من يوجهه إلى الصلح بمعنى ادخلوا في الصلح. ومن ذلك قول زهير بن أبي سلمى:


(١) تقريب النشر في القراءات العشر لابن الجزري ٩٤. وعبارة طيبة النشر:
... ... ... ... ... وفتح السلم حرم رشفا
وانظر سراج القاري لابن القاصح العذري ١٦١.
(٢) حجة القراءات لأبي زرعة بن زنجلة ١٣٠.
(٣) لسان العرب لابن منظور، مادة (سلم) ١٢/ ٢٩٥، طبعة دار صادر.

<<  <   >  >>