للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثبوت الرواية عن عروة عن عائشة كما أثبتها الطبري هاهنا. وهو ما اختاره الحنابلة على المشهور إذ قالوا: «وإذا لم ينتقض الوضوء بمسّ أنثى، فإنه يستحب» (١).

[المسألة الرابعة:]

قوله تعالى: إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ ...

[المزمّل: ٧٣/ ٢٠].

قرأ نافع، وابن عامر، وأبو عمرو: (ونصفه وثلثه) بالكسر، حملوه على الجار، أي: تقوم أدنى من نصفه ومن ثلثه.

والمعنى في ذلك يكون على تأويل: إن ربك يعلم أنك تقوم أحيانا أدنى من ثلثي الليل، وأحيانا أدنى من نصفه، وأحيانا تقوم أدنى من ثلثه، غير عارف بالمقدار في ذلك التحديد بدلالة قوله بعدها: عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ، وقوله: وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ فكأنه قال: أنا أعلم من مقادير قيامك بالليل ما لا تعلم من تحديد الساعات من آخر الليل.

قال أبو عبيد: الاختيار الخفض في (نصفه وثلثه)، لأن الله تعالى قال: عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فكيف يقدر على أن يعرضوا نصفه وثلثه.

وقرأ الباقون: بالنصب، بوقوع الفعل أي يقوم نصفه وثلثه (٢).

وحجّتهم في ذلك أن النّصب أصح في النظر: قال الله لنبيّه صلّى الله عليه وسلّم: قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ... [المزمّل: ٧٣/ ٢]، أي صل الليل إلا شيئا منه تنام فيه، وهو الثلث، والثلث يسير عند الثلثين، ثم قال: نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا أي من الثلث قليلا. أي: نصفه أو انقص من النصف قليلا إلى الثلث، أو زد على النصف إلى الثلثين. فإذا قرأت بالخفض كان معناه أنهم كانوا يقومون أقل من الثلث.

وفي هذا مخالفة لما أمروا به لأن الله تعالى قال: قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا* نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا


(١) انظر موسوعة الفقه الإسلامي وأدلته، د. الزحيلي. ط دار الفكر ١/ ٢٧٥.
(٢) حجة القراءات ٧٣١، وتقريب النشر لابن الجزري ١٨٤. وعبارة الشاطبي:
وثا ثلثه فانصب وفا نصفه ظبى ... وثلثي سكون الضم لاح وجملا

<<  <   >  >>