للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والعرب تقول: (نحن لكم على بني فلان ولاية) أي أنصار (١).

[وثمرة الخلاف:]

أن الآية نفت عن المسلمين وجوب النصرة لمن آمن ولم يهاجر، ونفت عنهم أيضا حق الإرث فيهم، فكأنها قالت: ما لهم عليكم نصرة، وما لكم فيهم من ميراث، ولا يؤخذ هذان الحكمان من قراءة واحدة بل من القراءتين معا.

وقد أحكمت قراءة الجمهور، فيما نسخ حكم قراءة حمزة بعد أن عمل بها المسلمون زمنا حين أنزل الله توريث ذوي الأرحام.

أخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم آخى بين المسلمين من المهاجرين والأنصار، فآخى بين حمزة بن عبد المطلب وبين زيد بن حارثة، وبين عمر بن الخطاب ومعاذ بن عفراء، وبين الزبير بن العوام وعبد الله بن مسعود، وبين أبي بكر الصّدّيق وطلحة بن عبيد الله، وبين عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع، وقال لسائر أصحابه تآخوا وهذا أخي يعني علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: فأقام المسلمون على ذلك حتى نزلت سورة الأنفال، وكان مما شدّد الله به عقد نبيه صلّى الله عليه وسلّم قول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ بَعْضُهُمْ

أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا

إلى قوله: لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ.

فأحكم الله تعالى بهذه الآيات العقد الذي عقد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بين أصحابه من المهاجرين والأنصار يتوارث الذين تآخوا دون من كان مقيما بمكة من ذوي الأرحام والقرابات، فمكث الناس على ذلك العقد ما شاء الله.

ثم أنزل الله الآية الأخرى، فنسخت ما كان قبلها، فقال:


(١) حجة القراءات لأبي زرعة بن زنجلة، ط مؤسسة الرسالة ٣١٤. وانظر سراج القاري لابن القاصح العذري، ط البابي الحلبي ٢٣٦. وعبارة الشاطبي:
ولا يتهم بالكسر فز وبكهفه ... شفا ... ... ...

<<  <   >  >>