للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث السادس ابن الجزري ودوره في نشر القراءات]

مضى القرن الرابع الهجري، وقد أطبقت الأمة على تواتر القراءات السبع كما اختار ابن مجاهد، وراحت المدارس الإسلامية تبذل الجهود المتضافرة في إظهار أسانيد هذه القراءات السبع، وتحديد رواتها وطرقها، حتى بلغت في ذلك الغاية.

ولكن القراءات الأخرى لم تعدم من يدافع عنها، ويحاجج لها، ويكشف عن أسانيدها بغرض إثبات التواتر في روايتها وإسنادها.

وبالفعل فقد أنكر كثير من العلماء على ابن مجاهد إعراضه عن قراءة أبي جعفر، يزيد بن القعقاع (١)، وهو الذي قال فيه مجاهد بن جبر (٢)، الإمام المفسّر: لم يكن

بالمدينة أحد أقرأ للسّنة من أبي جعفر، وهو من أعلى القرّاء إسنادا إذ توفي عام (١٣٠ هـ).

كما اعترض على ابن مجاهد في تركه لقراءة يعقوب بن إسحاق الحضرمي (٣)، البصري، وقد أطبقت كلمة القرّاء والحفّاظ على الثقة به، وعلوّه في الإسناد، وإمامته (٤)، حيث انتهت إليه رئاسة الإقراء بعد أبي عمرو البصري (٥)، ووصفه أبو حاتم السجستاني (٦) بأنه أعلم من رآه بالحروف، والاختلاف في القرآن وعلله، ومذاهب النحو.


(١) يزيد بن القعقاع (١٣٠ هـ): هو أبو جعفر يزيد بن القعقاع المخزومي، إمام المدينة النّبوية، التّابعي. قال عنه مجاهد: لم يكن بالمدينة أحد أقرأ من أبي جعفر.
(٢) مجاهد بن جبر (٢١ - ١٠٤ هـ): هو مجاهد بن جبر، أبو الحجاج المكي، مولى بني مخزوم، تابعيّ، مفسّر من أهل مكة. قال الذهبي: شيخ القرّاء والمفسّرين، أخذ التفسير عن ابن عباس، قرأه عليه ثلاث مرّات، يقف عند كل آية يسأله فيم نزلت، وكيف كانت، توفي في الكوفة.
(٣) يعقوب الحضرمي (١١٧ - ٢٠٥ هـ): هو أبو محمد يعقوب بن إسحاق بن زيد بن عبد الله بن إسحاق الحضرمي البصري، وصفه أبو حاتم السجستاني بأنه أعلم من رآه بالحروف، والاختلافات في القرآن، وعلله، ومذاهب النحو، وحديث الفقهاء، توفي عن ثمان وثمانين سنة.
(٤) انظر التذكرة في القراءات الثمان لابن غليون. تحقيق أيمن سويد. ١/ ٥٦.
(٥) مرّت ترجمته في مبحث أئمة القراءة.
(٦) أبو حاتم السجستاني (١٧٢ - ٢٥٥ هـ/ ٧٨٨ - ٨٦٩ م): هو سهل بن محمد بن عثمان الجشمي، السجستاني، البصري،

<<  <   >  >>