للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد اختار أكثر النّحاة أنهما لغتان في معنى واحد، نقل ذلك عن الفراء (١)، وعن الكسائي (٢)، وأبي زيد (٣).

[وثمرة الخلاف:]

لم أجد أحدا من أهل التفسير ممن قرأت لهم أشار إلى ثمرة لهذا التّعدد في القراءة، وأكثرهم كما رأيت يجزم أنهما لغتان في معنى واحد.

ولكن إعراضهم عن ذكر ثمرة لا ينفي وجود ثمرة أو ثمرات من تعدد القراءات، إذا سلّمنا بأن التّعدد إرادة من العليم الحكيم، وهو ما حشدنا له الأدلة المتضافرة في مطلع البحث.

وقد رأيت أن قراءة الفتح أشارت إلى معنى الوسع والطاقة، أي: على الموسع قدر طاقته، وعلى المقتر قدر طاقته.

ويمكن أن تفيد قراءة الإسكان معنى آخر هو المنزلة، فيكون المعنى على الموسع بما يناسب قدره ومنزلته وعلى المقتر كذلك.

ويقوي ذلك ما أخرجه البخاري في الصحيح من حديث عائشة رضي الله عنها في ذكر ما كانت تلعب به من عرائس، ثم قالت: «فاقدروا قدر الجارية الحديثة السّن تسمع اللهو» (٤).

وهكذا فإن المطلّق مأمور أن يمتع المطلقة قدر استطاعته ووسعه، ثم ليعلم أن هذه المتعة إنما تعبر عن قدره ومنزلته، فهي مقياس أخلاقي إضافة لكونها التزاما شرعيّا.


(١) كما روى عنه أبو زرعة في الحجة ١٣٧.
(٢) كما رواه عنه ابن منظور في اللسان ٥/ ٧٦، مادة (قدر).
(٣) كما رواه عنه القرطبي في الجامع ٣/ ٢٠٣.
(٤) رواه البخاري في الصحيح كتاب النكاح، باب ٨٢. انظر فتح الباري ٩/ ٢٥٥.

<<  <   >  >>