أننا هنا أمام ثلاث نقاط وردت في تحديد الغاية التي ينتهي إليها تحريم الوطء في الحيض:
الأولى: حتّى يطهرن.
الثانية: حتى يطّهّرن.
الثالثة: فإذا تطهّرن.
وهذه الثلاثة جميعا قرآن، رسمت الأخيرة منها في سائر المصاحف، فيما تناوبت المصاحف العثمانية في إثبات الأولى والثانية، وسائرها قرآن منزل، محل لاستنباط الأحكام.
وإذا ثبت هذا فإن أي قول يشير إلى ردّ واحد منها فهو قول مردود، يطعن في سلامة التّنزيل، ولا يلتمس لقائله عذر إلا عدم علمه بتواتر الإسناد.
وإذا كان ذلك كذلك فإن دلالة الآية بلا ريب فيما اختاره الشافعية والمالكية من أن الوطء لا يتمّ إلا بعد استيفاء سائر الشروط التي نصّت عليها الآية بوجوهها المتواترة.
وإذا تذكرت أن الحنفية أيضا استحبّوا الغسل قبل الوطء، بل منعوا الوطء قبل الاغتسال لمن لم تستوف عادتها، ولو انقطع الدم أدركت أن فجوة الخلاف ضاقت بين القوم، ولم يبق بينهم خلاف ظاهر إلا في مسألة واحدة وهي: إذا انقطع دم الحيض لعشرة أيام فهل يجب اغتسالها قبل الوطء؟
وهنا المنهج يستقيم به إعمال المعاني كلها، ولا يشكل بعدئذ أن الآية تحتمل الإذن بإتيانهن قبل التّطهّر، كما يدلّ لذلك ظاهر قراءة الجمهور، إذ إن استكمال نصّ الآية بقوله: