وتمام الرواية كما في البخاري: عن هشام بن عروة عن أبيه عن زينب ابنة أبي سلمة عن أمها رضي الله عنها قالت: «دخل عليّ النّبي صلّى الله عليه وسلّم وعندي مخنث، فسمعته يقول لعبد الله بن أمية: يا عبد الله أرأيت إن فتح الله عليكم في الطائف غدا فعليك بابنة غيلان، فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان، فقال النّبي صلّى الله عليه وسلّم: «لا يدخلن هؤلاء عليكن». قال ابن عيينة، وابن جريج:
«المخنث هيت»(١).
[ثمرة الخلاف:]
لا خلاف أن القراءتين متجهتان إلى وجوب منع التابعين من أولي الإربة من الدخول على النساء أو تمكينه من النظر في زينتهن. فيكون الإذن الأول في صدر الآية لهؤلاء التابعين بغشيان مجالس النساء إذا بدت زينتهن مقيدا بأن لا يكون هؤلاء التابعين من أولي الإربة.
فأشارت قراءة النّصب أولا إلى وجوب منعهم من خلطة النساء حال كونهم يأزرون إلى النظر إلى النساء، ويمكن أن يفهم الإذن بخلطة النساء إذا لم يلحظ منهم ذلك الأرب في أحد الأحوال.
وجاءت القراءة الثانية أشدّ إغلاقا، فنهت عن خلطتهم بالنساء طالما وصفوا بأنهم ذوي إربة، وذلك في سائر الأحوال.
وهكذا فقد وردت القراءة بالنّص على قيد توافر الإرب بطريقتين: الأولى: التّقييد بالوصف، وهو ما دلّت له قراءة الخفض. الثانية: التّقييد بالاستثناء وهو ما دلّت له قراءة النّصب.
قرأ نافع، وعاصم: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ بفتح القاف، وهذا لا يكون من (الوقار)، إنما هو من (الاستقرار). قال الكسائي: العرب تقول: «قررت بالمكان استقر فيه» لغتان بكسر الراء وفتحها.
(١) رواه الإمام البخاري في الجامع الصحيح، كتاب المغازي، باب ٥٦. انظر فتح الباري بشرح صحيح البخاري ٨/ ٤٣، رقم الحديث (٤٣٢٤).