للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أتردّين عليه حديقته؟» قالت: نعم، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «اقبل الحديقة وطلّقها تطليقة» (١).

[المسألة الثانية:]

قوله تعالى: لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ [البقرة: ٢/ ٢٣٣].

قرأ ابن كثير، وأبو عمر، ويعقوب: (لا تضارّ والدة بولدها). وقرأ الباقون: لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها (٢).

فتكون قراءة المكي والبصريين (٣) على إفادة الخبر، وأنه معنى تكويني؛ إذ ليس من شأن المرأة أن تضارّ زوجها الذي طلّقها بالتّغالي في أجر الرّضاع عليه؛ لأن في ذلك ضررا بها أيضا؛ حيث تحرم من متعة الإرضاع، وضررا بالرضيع أيضا، ولا يتصور في الأم الرءوم أن تسعى إلى الإضرار بولدها ونفسها ابتغاء عرض من المال. وعلى هذا فالآية هنا تشير إلى حكم تكويني بحسب هذه القراءة.

وأما قراءة الباقين بفتح الراء، فإنها على النّهي، وأصلها براءين (لا تضارر) فلما اجتمعت الراءات أدغمت الأولى في الثانية، وفتحت الثانية لالتقاء الساكنين، وقد قرأها بلا إدغام (لا تضارر) كل من الحسن البصري، وابن مسعود، وعمر بن الخطاب، وأبان بن عثمان بن عفان (٤).

فعلى هذا الوجه فإن الآية هنا اشتملت على حكم تكليفي. ولكن لا يعني اختيار الأولين أن الآية لا تشتمل على معنى التكليف، فقد ورد في القرآن العظيم كثير من الخبر مشتملا على التكليف


(١) الجامع الصحيح للإمام البخاري، كتاب الطلاق، باب ١٢/ الخلع، رقم الحديث (٥٢٧٣)، وانظر فتح الباري بشرح صحيح البخاري ٩/ ٣٩٥.
(٢) تقريب النّشر لابن الجزري ٩٦. وعبارة طيبة النّشر:
... ... ... ... ... خفف الخلف ثدق
مع لا يضار، وأتيتم قصره ... كأول الروم دنا فقدره
(٣) المكي هو ابن كثير: والبصريان هما أبو عمرو ويعقوب.
(٤) معجم القراءات القرآنية ١/ ١٧٨.

<<  <   >  >>