للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المسألة السابعة:]

قوله تعالى: وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ [النّمل: ٢٧/ ٨٢].

قرأ عاصم، وحمزة، والكسائي: أَنَّ النَّاسَ بفتح الألف. واحتجّوا بقراءة ابن مسعود: (تكلّمهم بأن الناس) بالباء، فلما سقطت الباء حكى عليها بالنصب.

وقرأ الباقون: (إنّ النّاس) بالكسر على الاستئناف. جعلوا اللام عند قوله تُكَلِّمُهُمْ تامّا (١).

[وثمرة الخلاف:]

أن قراءة الجمهور ألزمت المسلم باعتقاد خروج الدّابة كشرط من أشراط الساعة، وهو ما دلّت عليه نصوص من السّنة.

أخرج نعيم بن حماد عن ابن شوذب قال: قال عمر: لا تخرج دابة الأرض حتى لا يبقى في الأرض مؤمن (٢).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل، أو كسبت في إيمانها خيرا: طلوع الشمس من مغربها، والدّجّال، ودابّة الأرض» (٣).

وهذا المعنى دلّت له قراءة الكوفيين أيضا، وزادت عليه بأن ذكرت كلام الدّابة أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ، فأضافت هذه القراءة معنى جديدا في أشراط الساعة يلزم اعتقاده.

والدّابة التي جاءت بها الآية العظيمة من أظهر علامات الساعة، وهي إحدى الأشراط التي لا يحلّ إنكارها، لأنها ورد بها الخبر في القرآن العظيم وفي السّنة الصحيحة، وأكثر الأحاديث بسطا لخبر الدّابة إنما هو حديث حذيفة بن أسيد الغفاري، وقد خرجه جماعة من أهل السّنن:


(١) حجة القراءات ٥٣٨. وانظر سراج القاري ٣١٣. وعبارة الشاطبي:
ومع فتح أن الناس ما بعد مكرهم ... لكف وأما يشركون ندّ حلا
(٢) كذا عزاه السيوطي إلى نعيم بن حماد، ولم أعثر على إسناده. انظر كنز العمال ١٤/ ٦٢٣
(٣) أخرجه الإمام مسلم، كتاب الفتن.

<<  <   >  >>