للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأرنب عناق، وفي اليربوع جفرة، وفي الثعلب شاة، وفي الضّب جدي، وما لا نقل فيه يحكم بمثله من النّعم عدلان، لقوله تعالى: يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ.

ويجب في ما لا مثل له مما لا نقل فيه كالجراد، وبقية الطيور ما عدا الحمام القيمة، وذلك في موضع الإتلاف والتّلف، لا بمكة على الصحيح.

ثم يلزم في الكبير كبير، وفي الذكر ذكر، وفي الأنثى أنثى، وفي الصحيح صحيح، وفي المعيب معيب، اجتهادا في تحقيق المثلية المنصوص عليها في الكتاب (١).

وظاهر هنا أن اختيارات كافة الشافعية إنما تجري مع قراءة الرفع: فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ فالمثل هو الخبر المنصوص عليه.

[ثمرة الخلاف:]

تكشف القراءتان عن سعة الفقه الإسلامي ودقّته، فبعد أن دلّت قراءة أهل الكوفة بالرفع على وجوب المماثلة، تحقيقا لدقة الجزاء في القضاء، جاءت قراءة الباقين بالخفض إيذانا بجواز العدول إلى القيمة في الجزاء.

وهذا الاتجاه ينتج عن إعمال القراءتين جميعا، ويتفق مع مذهب الشافعية في ما كان له مثل، في الشّق الأول، وما ليس له مثل في الشّق الثاني، فهو اعتمال مركب.

لكن ينطبق على دلالة القراءتين ما اختاره المالكية الذين جعلوا الفداء على سبيل التّخيير بين نحر مثل الصيد وبين قيمة الصيد، وخلاصة مذهبهم أن جزاء الصيد أحد ثلاثة أنواع (٢) على التّخيير كالفدية، وهي: مثل الصيد الذي قتله من النّعم، وقيمة الصيد طعاما، وعدل ذلك الطعام صياما لكلّ مدّ صوم يوم (٣).

وهكذا فإن مختار المالكية أقرب السّبل لإعمال القراءتين جميعا، وهو ما يجب لحظه واعتباره.


(١) مغني المحتاج للخطيب الشربيني ١/ ٥٢٨.
(٢) لم نعرض هنا لذكر الوجه الثالث، وهو الصيام لعدم صلته بأثر القراءات في اختلاف الحكم الشرعي.
(٣) انظر الشرح الصغير للدردير بحاشية الصاوي، ط دار المعارف بمصر ٢/ ١١٥.

<<  <   >  >>