للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ثمرة الخلاف:]

أن من قرأ بالفتح: (مبيّنة) فمعناها: مكشوفة مظهرة. أي: أوضح أمرها، ومن قرأ بالكسر: مُبَيِّنَةٍ فمعناها: كاشفة ظاهرة، فهي حال الكسر اسم فاعل، وحال الفتح اسم مفعول.

ودلّت القراءتان على أن عضل المرأة جائز إذا ظهرت منها الفاحشة سواء كانت مبيّنة أو مبيّنة.

[المسألة السادسة:]

قوله تعالى: فَالصَّالِحاتُ قانِتاتٌ حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللَّهُ [النّساء: ٤/ ٣٤].

قرأ أبو جعفر: (حافظات للغيب بما حفظ الله) بنصب لفظ الجلالة، وقرأ الباقون:

حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللَّهُ برفع لفظ الجلالة (١).

فعلى قراءة الجمهور فإن المرأة الصالحة قانتة حافظة لغيب زوجها بتوفيق الله وحفظه، وحفظها هنا مجاز، إذ حقيقة الحفظ من الله، والله خير حافظا، فاشتملت الآية على الحقيقة والمجاز في آن معا، وخير تفسير للآية قول النّبي صلّى الله عليه وسلّم: «ألا أخبرك بخير ما يكنزه المرء؟ المرأة الصالحة إذا نظر إليها سرّته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته في نفسها وماله» (٢). وفي رواية: «خير النساء التي إذا نظرت إليها سرّتك، وإذا أمرتها أطاعتك، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك» (٣).

أما توجيه قراءة النّصب فإنها على معنى: يحفظن الله، أي: يحفظن أمره ونهيه، فالتقدير:

حافظات للغيب بما حفظ مرضاة الله، فحذف المضاف، ونصب لفظ الجلالة بنزع الخافض.


(١) تقريب النّشر في القراءات العشر ١٠٥. وعبارة طيبة النّشر:
... ... ... ... ونصب رفع حفظ الله ثرا
(٢) أخرجه أبو داود عن عمر بن الخطاب، ورجاله ثقات، وانظر كذلك جامع الأصول لابن الأثير الجزري ١١/ ٤٢٦.
(٣) أخرجه النّسائي وأحمد عن أبي هريرة، وإسناده صحيح. وانظر سبل السلام ٣/ ١١١، وأخرجه الطيالسي عن أبي هريرة.

<<  <   >  >>